على مدار ما يزيد على عشرين عاماً، وتحديداً منذ عام 1998، قام كيث رانيير بقيادة جماعة سرية للاتجار بالجنس وأسماها Nxivm. على الرغم من زعم رانيير أنه شخص ذو رؤية وله أهداف نبيلة، فإن التحقيقات أثبتت تورطه في ارتكاب جرائم اتجار بالجنس وممارسة طقوس جنسية مشبوهة، بالإضافة إلى عدة جرائم أخرى. حيث يقوم رانيير بابتزاز فتيات، وإكراههن على ممارسة الجنس من خلال نمط تسويق هرمي استعبادي.
بحلول عام 2018 بدأت سلسلة تحقيقات بحق جماعة نكسيوم. أسفرت التحقيقات عن تورط بعض المشاهير في عملية التآمر لتجنيد وابتزاز ضحايا تلك الجماعة السرية. في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وعلى خلفية التهم الموجهة إليه وإلى جماعته، كان قد نُطق بالحكم على رانيير بالسجن 120 عاماً. بالإضافة إلى ذلك، استمرت التحقيقات في الكشف عن المتورطين في أعمال جماعة نكسيوم ليصل الأمر الأربعاء إلى الحكم على الممثلة أليسون ماك بالسجن ثلاث سنوات، وذلك لوجود أدلة تثبت مشاركتها في تلك الأعمال الإجرامية، ومن ثم اعترافها وقبولها لتلك التهم بالكامل.
“نكسيوم” والتخفي بثوب مؤسسة “تنمية بشرية”
أسس كيث رانيير جماعته السرية عام 1998 وذلك بمشاركة زميلته نانسي سالزمان، وكلاهما كانا يعملان في السابق في مهنة العلاج النفسي. تأسست الجماعة تحت غطاء شركة تنمية بشرية مقرها في مدينة ألباني شمال ولاية نيويورك، تهدف إلى تنظيم دورات وندوات عامة وبرامج وورش عمل حول التنمية البشرية والمساعدة الذاتية والنجاح الفردي.
منذ ذلك الحين التحق ما يقدر بنحو 18000 شخص بورش عمل المجموعة. حصل معظم المشاركين على بضعة فصول دراسية فقط، لكن بعض العضوات وقعن فريسة للأهداف غير الشريفة التي يسعى لها رانيير، حيث أصبحن من التابعات المتحمسات له، واصفات إياه بـ”القائد” ومعتبرات إياه أكثر رجال العالم أخلاقيةً.
عبيد بالسخرة من أجل المال والجنس
اتبع كيث رانيير وشريكته نانسي سالزمان عدة أساليب دنيئة لفرض سيطرة تامة على ضحاياه من الفتيات. أبرز الممارسات الإجرامية لجماعة نكسيوم تتمثل في تجنيد مجموعة كبيرة من الفتيات، وإجبارهن على الانخراط في ممارسات شنيعة مثل الجنس مقابل المال، وتصويرهن في أوضاع مخلة، وكذلك إكراههن على ممارسة الجنس مع رانيير شخصياً، وتلقينهن أن يقمن بتبجيله. ذلك بالإضافة إلى أمرهن بالحفاظ على نظام غذائي قريب من التجويع الممنهج لتحقيق لياقة بدنية تلائم ما يراه السيد رانيير. وتم الكشف عن أن إحدى ضحايا رانيير كانت تبلغ من العمر فقط 15 عاماً عند بدأ تجنيدها والاعتداء عليها.
بتسيلم توزع تسجيلًا مصورًا لجندي يرمي قنبلة غاز في فناء منزل بكفر قدوم
“جنود إسرائيليون اقتحموا منزلا سوريا وقتلوا أشخاصا فيه دون أي سبب”
وزير حرب الاحتلال يوقع 4 اوامر مصادرة وتجميد لاموال لحركة حماس
هذا ويقوم رانيير بطلب “ضمانات” من كل فتاة على شكل معلومات محرجة وشديدة الخصوصية أو حتى صور عارية، ويهددهن بأنه سيتم نشرها علناً إذا كشفن عن طبيعة ممارساته القذرة.
سلسلة التحقيقات
في عام 2017 شرعت العديد من العضوات السابقات في جماعة نيكسوم في التقدم بشكاوى عديدة إلى سلطات ولاية نيويورك للتحقيق في أنشطة الشركة المزعومة. في حين ركزت الشكاوى على مجموعات فرعية سرية داخل المنظمة تسمى The Vow أو D.O.S، اختصاراً لعبارة لاتينية تُترجم تقريباً إلى “السيد/سيد العشيرات المطيعات”. يقوم هيكل تلك المجموعات على نظام تسويق شبكي، حيث تقود كل مجموعة “سيدة”، وهي من تقوم بتجنيد “العبدات”. وبمرور الوقت، تتجه المرؤوسات أنفسهن إلى تجنيد “عبدات” جدد، من خلال التسويق لأنشطة تلك الجماعة وحث الأخريات على الالتحاق بها.
أواخر عام 2017 وعلى إثر الشكاوى المقدمة من العضوات السابقات لجماعة نيكسوم، قامت جريدة The New York Times بنشر تقرير مفصل عن الموضوع، ممَّا دفع سلطات المدينة إلى التحرك وبدء تحقيق جنائي عن الجماعة السرية، لكن السيد ريث رانيير كان قد لاذ بالهرب إلى المكسيك فور علمه بالتحقيقات الجارية.
لم يمكث الأمر بعيداً، حيث تم القبض على رانيير في المكسيك في مارس/آذار عام 2018، وذلك بناءً على طلب من مسؤولين أمريكيين. وعليه، تم توجيه العديد من التهم المذكورة آنفاً إليه خلال جلسة استماع في ولاية تكساس. بعدها تم تحويله إلى المحكمة الفيدرالية في بروكلين بولاية نيويورك.
قام مكتب التحقيقات الفيدرالي F.B.I. بتقديم إفادة خطية كجزء من الشكوى الجنائية، مؤكداً أن السيد رانيير كان يحتفظ بـ”مجموعات متناوبة” من 15 إلى 20 امرأة يقيم معهن علاقات جنسية بشكل دوري. وأفاد ممثلو الادعاء أن السيد رانيير “قضى حياته يستفيد من الهيكل الهرمي لجماعته، وكان يتلقى دعماً مالياً من نساء ثريات مستقلات”.
في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2020 تم أخيراً النطق بالحكم على كيث رانيير بالسجن ما مجموعه 120 عاماً، وهو ما سيتم تطبيقه عملياً بالسجن مدى الحياة.
اتساع دائرة الاتهام.. تورط مشاهير
وفقاً للإفادة المقدمة من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي F.B.I. فإن رانيير كان على علاقة بسيدات فاحشات الثراء، منهن كلير برونفمان وسارة برونفمان، وهما ورثيتا ثروة سيجرام الطائلة والذي كان يعمل في مجال المشروبات الكحولية. من ثم اتسعت دائرة الاتهام تدريجياً، حيث تم ضم أسماء خمس نساء مرتبطات بجماعة نيكسوم، بمن في ذلك السيدتان نانسي ولورين سالزمان، وسارة وكلير برونفمان، بالإضافة إلى الممثلة الدرامية أليسون ماك. حيث تم اتهامهن جميعاً بمؤامرة ابتزاز تتضمن مجموعة من الجرائم، بما في ذلك جرائم انتحال هوية والابتزاز والعمل القسري والاتجار بالجنس وغسل الأموال والاحتيال الرقمي والاستغلال الجنسي للأطفال وحيازة المواد الإباحية للأطفال وعرقلة سير العدالة.
وعليه اعترفت المتهمات واحدةً تلو الأخرى، وقمن بقبول أغلب التهم الموجه إليهن. وتم تأجيل الحكم في قضاياهن عدة مرات، إلى أن صدر أول حكم بحق أليسون ماك الأربعاء بعقوبة السجن ثلاثة أعوام.
وفي رسالة إلى المحكمة، اعتذرت السيدة ماك للأشخاص الذين جلبتهم إلى تلك الجماعة السرية قائلة: “أنا آسفة للغاية لأنني عرّضتكن في أي وقت للمخططات الشائنة والمؤذية لرجل ملتوٍ”، وأردفت: “أنا أشعر بثقل من الذنب لأنني أسأت استخدام ثقتكن بي”.
جدير بالذكر أنه بينما تم الحكم على كيث رانيير بما هو عملياً سجن مدى الحياة، وعلى أليسون ماك بالسجن ثلاث سنوات، فإن التحقيقات والمحاكمات لا زالت مستمرة، وينتظر كشف أسماء أخريات متورطات في تلك الأعمال الشنيعة.
TRT عربي