اعتبر موقع المونيتور في تقرير نشره للكاتب الاسرائيلي شلومي إلدار، اليوم السبت، وترجمه مؤمن مقداد أن قيادة حماس استغرقت شهراً واحداً فقط لتفهم أنها ارتكبت خطأ فادحاً، من المدهش كيف تمكنت حركة ذات قيادة واسعة وذات خبرة من إيجاد بديل للأموال القطرية.
في نهاية يناير، رفضت حماس المساعدات القطرية التي مكّنت المنظمة في الأشهر الأخيرة من دفع رواتب موظفيها، ويعتمد هذا القرار على افتراض أن المنحة تسبب ضررا لا يمكن إصلاحه في المنظمة، كما لو أن حماس باعت أسلوب الجهاد مقابل المال، أو أن حماس غير قادرة على إدارة غزة ورعاية احتياجات سكانها، في النهاية تم التوصل إلى حل وسط، تم تحويل أموال المساعدات (9.4 مليون دولار) من خلال الأمم المتحدة كمساعدات إنسانية، ما سمع بتوفير المال للأسر المحتاجة.
كالعادة، قررت حماس تصحيح الخطأ عن طريق تسخين الحدود مع “إسرائيل”، استأنفت حماس مؤخراً إطلاق البالونات الحارقة على غلاف غزة، وازدادت المظاهرات قرب السياج وزاد عدد الضحايا الفلسطينيين مقارنة بالأسابيع السابقة والهادئة، وطلبت مصر من حماس الإبقاء على الترتيبات في مكانها والتحلي بالصبر إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية، وفي الوقت نفسه مرت الأيام وازداد التوتر، ومعه ازداد ضغط سكان غزة، كيف يمكن أن تشرح لآلاف العاملين في المؤسسات أنه يتعين عليهم انتظار الراتب الشهري وتحسين الوضع في القطاع إلى ما بعد انتهاء “إسرائيل” من شئونها السياسية الداخلية؟
لقد نقلت حماس مؤخراً رسالة إلى “إسرائيل” عبر وسطاء مصريين بأنها لا تنوي الانتظار إلى ما بعد الانتخابات، كما أنها غيرت مطالبتها المالية بدلاً من 15 مليون دولار طالبت الآن بمبلغ 20 مليون دولار على الأٌقل، في الوقت نفسه بدأ التصعيد في قطاع غزة يعزز الرسالة: تحولت البالونات الحارقة إلى بالونات مفخخة وصاروخ على “إسرائيل” [7 مارس].
المصريون من جانبهم لم يضيعوا أي وقت، وفي يوم الثلاثاء [5 مارس] وصل وفد مصري رفيع المستوى برئاسة نائب رئيس المخابرات المصرية إلى قطاع غزة، وقد انضم إليهم همام أبو زيد، القنصل المصري في السفارة المصرية في تل أبيب، وكان المبعوث القطري محمد العمادي ينتظر التطورات، وبقدر ما يتعلق الأمر فإن ما سيتم الاتفاق عليه بين حماس ومصر سيكون مقبولاً له ولأمير قطر، ووفقاً لمصدر مصري حتى قبل الاجتماع في غزة، التقى أعضاء الوفد المصري مع رئيس الموساد يوسي كوهين بشأن الترتيبات في قطاع غزة.
في غزة التقى المصريون مع إسماعيل هنية ويحيى السنوار، ووفقا لمصدر في حماس قال بأن هذه كانت المرة الأولى التي يفهم فيها المصريون أن مهمة حل مشكلة غزة مشتركة بين مصر وقطر، وكما نعلم التوتر بين البلدين كبير، حيث يرى السيسي أن قطر هي سبب الصراع والتمرد في الشرق الأوسط، لكن فيما يتعلق بمشكلة غزة، فهم أن قطر هي الحل، رغم أن مصر لا تريد أن يكون ذلك حتى تكون هي مصدر الخير على غزة.
في الاجتماع كان هناك اقتراح لتحل حاويات المساعدات القطرية بدلا من المال على الأقل حتى بعد الانتخابات في “إسرائيل”، تفهم مصر وقطر جيداً أنه من غير الممكن إعادة عقارب الساعة إلى الوراء وإحضار حقائب نقود مرة أخرى، وفيما يتعلق ببنيامين نتنياهو فإن إعطاء إذن لدخول حقائب المال القطري لغزة يعني الانتحار السياسي، وبالتالي فإن الأموال القطرية ستشتري قطر بها المواد الغذائية والمواد الخام والأدوية والسلع الأساسية، والتي سيتم نقلها إلى غزة عبر الشاحنات، وبما أنها ستبدو مساعدات إنسانية ، فلن تواجه “إسرائيل” مشكلة في ذلك، ولن يهاجم نتنياهو من قبل خصومه، وأيضا لا يبدو أن حماس باعت نفسها ومبادئه للشيطان الصهيوني من أجل الحفاظ على حكمها.
على الرغم من أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تدرك أن حماس لا تحاول الآن جر “إسرائيل” إلى حرب غير ضرورية، لا تزال ترد على كل بالون برد عسكري، هذا على الرغم من الخبرة السابقة لأن أي تصعيد صغير قد يتحول إلى تصعيد كبير، خاصة عندما تكون أعصاب صانعي القرار في “إسرائيل” متوترة للغاية في خضم الانتخابات المقبلة.
قام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يوم الخميس [7 مارس] بجولة على الحدود بين “إسرائيل” وغزة والحدود “الإسرائيلية” المصرية، وأثناء الزيارة أُطلقت نيران حية على قوة تابعة للجيش الإسرائيلي بالقرب من الحدود، نتنياهو سارع إلى تحذير حماس: يجب على حماس أن تفهم الآن أن أي أعمال عدوانية سنرد أكثر شدة، ومن الأفضل فهم الرسالة الآن أفضل من فهمها لاحقا.
في الأيام القادمة، سيتعين على نتنياهو أن يقرر ما يفعله مع قطاع غزة، هل سيرفض فوراً أي محاولة لتخفيف الضغط عن غزة، أم أنه سيشرح للناخبين أن “إسرائيل” مستعدة للسماح بالمساعدات الإنسانية لغزة إذا ضمن أنها لن تصل إلى حماس؟
عاد الوفد المصري في وقت لاحق من هذا الأسبوع إلى القاهرة، ليس قبل أن يطلب من حماس إعطاء نتنياهو بضعة أيام لاتخاذ قرار بأن الرسالة في “إسرائيل” مفهومة بأن غزة لن تستطيع الانتظار حتى بعد الانتخابات، وبالنسبة لحماس أيضا لن يكون نتنياهو قادراً على الانتظار.
المصدر/ مؤمن مقداد