الرئيسية / شئون إسرائيلية / العالم في قبضة الموساد.. الأسرار المظلمة لشركات التكنولوجيا الإسرائيلية

العالم في قبضة الموساد.. الأسرار المظلمة لشركات التكنولوجيا الإسرائيلية

“تقوم مجموعة “إن إس أو” بتطوير التكنولوجيا التي تُتيح للوكالات الحكومية اكتشاف وإحباط المؤامرات الإرهابية والجنائية، ويقتصر استخدامها على الجريمة والإرهاب ومنعهما، وأي استخدام لتقنياتنا على نحو مُنافٍ لهذا الغرض هو انتهاك لسياساتنا، وإخلال بعقودنا القانونية، وبالقيم التي تدافع عنها شركتُنا”.

على عكس أقرانهم في كثير من أنحاء العالم ذي الأنظمة المدنية، لا يمتلك شباب وفتيات إسرائيل اختيارا بعد بلوغهم الثامنة عشرة سوى أداء الخدمة العسكرية الإلزامية  بجيش الاحتلال، وهي قاعدة لم يكن المجند “شيليف هوليو” استثناء منها شأنُه شأنُ زملائه الذين خدم معهم في الصفوف الأمامية حول قطاع غزة وغيره من الأراضي المحتلة، وعلى الرغم من أنه لم يكن مرتبطا بالصناعات التقنية أو الأمن السيبراني في حياتَيْه المدنية والعسكرية، فإن الأعوام القليلة بعد إنهائه الخدمة العسكرية كانت فاصلة في تحوُّله من شاب عادي إلى شريك مؤسس في واحدة من أكثر شركات الأمن السيبراني الإسرائيلية إثارة للجدل في العالم.

كان هدف “هوليو” الرئيسي بعد الخدمة العسكرية هو الولوج إلى قطاع التجارة الإلكترونية الواسع وصناعة ثروته الشخصية، وهو شيء تخصَّص فيه الجنود الإسرائيليون الذين اكتسبوا خبرات عسكرية وتقنية من أداء الخدمة في الصفوف الأمامية للجيش، أو في وحدات النخبة من أمثلة 8200 و”أمان” وغيرهما، وفي حين لم يمتلك هوليو أية خبرات تقنية، كما أخبر صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية بنفسه في مقابلة  نادرة، فإن هذا لم يمنعه هو و”نيف كارمي” و”عمري ليفي” من تأسيس شركة التقنية المتخصصة في الأمن السيبراني “NSO Group”.نشأت “إن إس أو” على أنقاض شركة “كوميوني-تك” (CommuniTech) التي كان قد أسَّسها من قبل كلٌّ من هوليو وليفي أيضا لمساعدة شركات الهواتف الذكية الجديدة على العالم حينها، ففي وقت كانت فيه تلك الصناعة الناشئة تحتاج إلى الكثير من وقت شركات الهاتف لتدريب وتعريف عملائها بكيفية تثبيت البرامج الأساسية الخاصة بالتعامل مع منتجاتها، خرجت شركة “كوميوني-تك” بحل يُمكِّن شركات الهاتف من إرسال رابط إلى عملائها، ومن خلاله تقوم الشركات بالولوج إلى الهاتف نفسه وتثبيت برامجها، بما يُوفِّر الوقت والجهد على الجميع. وقد استلزم الأمر قليلا من الوقت بعد ذلك لتتحوَّل “كوميوني-تك” إلى “إن إس أو”؛ بعدما هجر كلٌّ من هوليو وليفي الشركة الأولى لتأسيس الثانية، وتحوَّل هدفهما من صناعة منتجات تساعد الناس إلى تطوير برمجيات تتجسَّس عليهم، بعد أن اكتشفا -كما يبدو- أن هذا الطريق الجديد أكثر ربحية بكثير من سابقه.

كانت البداية من المكسيك، حيث زعم مؤسسا “إن إس أو” (NSO) أن برنامج “بيغاسوس” (Pegasus)، وهو منتجُهم الرئيس، ساعد في القضاء على العديد من الشخصيات الأساسية الفاعلة في عصابات المخدرات الكبرى هناك؛ بفضل امتلاكه القدرة على التسلُّل إلى الهواتف المُستهدَفة من خلال رابط مزيف يُرسَل إلى الهاتف ومن خلاله يلج إلى بيانات صاحب الهاتف كافة، بداية من الرسائل والمكالمات، ومرورا بالموقع الجغرافي الخاص به، وليس انتهاء باستخدام الكاميرا والميكروفون لتسجيل المحادثات والحوارات التي تتم في نطاقه. وبعد ذلك، أصبحت تقنية “بيغاسوس” قادرة على التحدُّث عن نفسها في أرجاء العالم كافة، خاصة في الشرق الأوسط؛ حيث استُخدمت  التقنية لتعقُّب الناشط الحقوقي الإماراتي الشهير أحمد منصور والقبض عليه عام 2016، ثم في مقتل صحافي الواشنطن بوست السعودي “جمال خاشقجي” أواخر عام 2018 في قنصلية بلاده بإسطنبول بتركيا، ومن ثم نال “بيغاسوس” شهرته كإحدى أهم وسائل التجسُّس الإلكتروني خاصة بالنسبة للأنظمة الأوتوقراطية في الشرق الأوسط والعالم.

ورغم ما حمله البرنامج من كفاءة تقنية جلبت أرباحا ضخمة للشركة الإسرائيلية، تحوَّل الأمر إلى كابوس بالنسبة لأرباب العمل المدني والحقوقي عالميا، كابوس تجلَّت بعض معالمه في حادثة اختراق تطبيق المحادثات الأشهر “واتساب”  في مايو/أيار 2019، التي أعادت “إن إس أو” (NSO) للأضواء نتيجة اشتباه شركة “فيسبوك” المالكة لواتساب في كون الشركة الإسرائيلية هي التي تقف وراء الاختراق، الذي أثبت قدرة برامج الشركة على اختراق أعداد هائلة من الهواتف المحمولة والتجسُّس على أصحابها لصالح الجهات الحكومية والأجهزة الأمنية، في وقت يُصِرُّ فيه مؤسِّسو “إن إس أو” (NSO) أن برامجهم تُستخدم فقط لمكافحة الجريمة والإرهاب العالميين.

لا تكاد الصفحات الأولى للصحف العالمية تخلو من أخبار دورية تخص تورُّط تقنيات “إن إس أو” (NSO) في عمليات تجسُّس على حقوقيين وناشطين حول العالم، وفي حين أن تورُّط تقنيات الشركة التي يقبع مقرها بمدينة هرتسليا بالأراضي المحتلة لم يخرج حتى الآن عن مراقبة أفراد -أو مجموعات من المدنيين- في دول عدة، فإن حادثة واتساب المُشار إليها وغيرها قد ألقت الضوء على مرحلة جديدة في عمليات التجسُّس على الأفراد، مرحلة يُعتقد أنها تمهيد مهم نحو التجسُّس الفعَّال على أنشطة إيران ؛ العدو الأول والأهم على قائمة تل أبيب. وفي حين يعتقد بعض خبراء التقنية أن تكنولوجيا الشركة الإسرائيلية على وشك أن تمتلك القدرة على مراقبة سُكَّان مدن كاملة بفاعلية، فإن “إن إس أو” (NSO) ليست الشركة الإسرائيلية الوحيدة التي تُغرِّد في هذا النطاق، بل يُرافقها عدد ليس بالهيِّن من الشركات التقنية الإسرائيلية الناشئة التي تظهر عاما بعد عام؛ شركات تُعيد تعريف الاقتصاد الإسرائيلي وتضطلع بجزء ليس باليسير من السياسات الإسرائيلية تجاه منطقة الشرق الأوسط والعالم بأسره.

“حلوى الإدمان”: عملية عسكرية تكشف رذائل إسرائيل بتجنيد العملاء 

بتسيلم توزع تسجيلًا مصورًا لجندي يرمي قنبلة غاز في فناء منزل بكفر قدوم 

“جنود إسرائيليون اقتحموا منزلا سوريا وقتلوا أشخاصا فيه دون أي سبب”

على الرغم من أن “إن إس أو” (NSO) قد لفتت الكثير من الأنظار بعد اتهام تقنياتها بالتورُّط في عملية تعقُّب ومقتل خاشقجي ثم اختراق واتساب، فإن مراقبة أنشطة تقنية “بيغاسوس” -المملوكة للشركة- خاصة وسائر أنشطة بيغاسوس كان قد بدأ قبل ذلك بأعوام، وتحديدا في أغسطس/آب 2016 عندما تلقَّى الناشط الإماراتي أحمد منصور رسالة مُفخَّخة على هاتفه ليُعيد إرسالها إلى المجموعة التِّقنِيَّة المقيمة في كندا “مختبر المواطن” (Citizen Lab)، التي تتبَّعت بدورها مصدر الروابط الخبيثة التي احتوتها الرسالة وصولا إلى “بيغاسوس”.

لم تتوقف المجموعة الكندية عند حالة منصور، بل بدأت من حينها في تطوير بصمتها الرقمية الخاصة المُسماة “أثينا” والهادفة لتتبُّع الروابط المُشتَبه بها والمُرسَلة إلى حقوقيين وناشطين آخرين، في عملية إلكترونية استمرَّت لعامين كاملين ما بين أغسطس/آب 2016-2018، قبل أن تخرج النتائج  في سبتمبر/أيلول 2019 مُعلِنة انتشار أنشطة المراقبة الخاصة بـ “بيغاسوس” في 45 دولة حول العالم، وستةٌ منها على الأقل كانت قد استخدمت “بيغاسوس” بشكل سيئ لمراقبة عناصر المجتمع المدني داخلها وخارجها.

استخدم الخبير التقني “مايكل شولوف” مصطلح “فن إيجاد الثغرات”  لوصف طريقة عمل “بيغاسوس” داخل أنظمة تشغيل الهواتف المحمولة، فإلى جانب تخصُّص “إن إس أو” (NSO) في العمل على الهواتف فقط دونا عن أجهزة الحاسوب أو غيرها، فإن مهندسي وتقنيي الشركة المُتخرِّج أغلبُهم من الوحدة 8200 وغيرها من وحدات النخبة التقنيَّة في جيش الاحتلال؛ يبذلون قصارى جهدهم للبحث عن الثغرات غير المعروفة (الأخطاء في الأكواد) المُسماة “زيرو داي” (Zero-Day) والموجودة في أنظمة تشغيل الهواتف، وهو بالضبط ما يقوم به “بيغاسوس” بمجرد تثبيته على أي هاتف.

يجعل هذا من “إن إس أو” (NSO) الشركة الرئيسة في عالم التجسُّس على أجهزة الهاتف، كما يُصنِّفها شولوف، الأمر الذي استغلَّته الشركة لاختيار عملائها بدقة وعناية شديدتين، ليس فقط للقيود الصارمة التي تفرضها وزارة الحرب الإسرائيلية جنبا إلى جنب مع وكالة مراقبة الصادرات الدفاعية الإسرائيلية -المعروفة اختصارا بـ “DECA”- على الصادرات التقنية التي تخشى إسرائيل وقوعها في يد أعدائها، بل كذلك لأن التقنية التجسُّسية التي وفَّرتها الشركة قد فتحت بابا واسعا لها -ولإسرائيل نفسها بالتبعية- لإعادة رسم خارطة جديدة للعلاقات مع عملاء الشركة من الدول العربية المهمة لإسرائيل.

على سبيل المثال، ضخَّت ثلاث صفقات بين “إن إس أو” (NSO) والإمارات ما يقرب من 80 مليون دولار أرباحا للشركة الإسرائيلية، وهي صفقات تمت بوساطة مسؤولين إسرائيليين وتصديق وزارة الحرب الإسرائيلية، لكن الأمر لم يتعلَّق بالمال فقط أيضا كما يعتقد صحافي البي بي سي “باول دانهار”، حيث كانت ملامح “صداقة” تتشكَّل منذ سنوات على هيئة علاقات دبلوماسية -غير رسمية- بين تل أبيب وأبوظبي على خلفية العداء المشتركة لإيران، وهي علاقة تُوِّجت العام الماضي 2020 بتوقيع اتفاق رسمي لتطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل.

كانت طهران دوما الهدف الأهم على طاولة التحالف الإماراتي الإسرائيلي، مع تكهُّنات حول إمكانية توجيه تقنيات “بيغاسوس” للتجسُّس على الإيرانيين أو لتخريب البرنامج النووي الإيراني كما حدث سابقا في هجمات “ستوكسنت” الإلكترونية، وهو أمر لم يكن مُستبعَدا بعد ظهور تقارير صحافية  في مايو/أيار 2019 تُفيد بتورُّط شركة تقنية إسرائيلية أخرى هي “المكعب الأسود” (Black Cube) في محاولة تخريب الاتفاق النووي بالسعي لتشويه سُمعة بعض العاملين عليه في إدارة أوباما بمجرد أن أعلن ترامب انسحابه من الاتفاق في الشهر نفسه.

“تسبقها سُمعتها السيئة في كل مكان”؛ هذا هو ما تُوصف به شركة “بلاك كيوب” الإسرائيلية بعد تورُّطها في قضية المنتج السينمائي الشهير -سيئ السمعة- هارفي واينستين، حيث كُلِّفت الشركة بالبحث في تاريخ النساء والصحافيين الذين اتَّهموا أو نشروا قصصا عن قائمة طويلة من جرائم التحرش والاغتصاب المُتَّهمَ بها واينستين حاليا؛ إما سعيا لتشويه سمعتهم وإما لمنح مُحامي الأخير “ذخيرة”  من المعلومات عن الحيوات الشخصية لضحاياه، بما قد يساعده في مواجهة الدعوات القضائية المُقامة ضد موكله.

ولم تكد الشركة تعتذر وتتخلَّص من ارتباط اسمها بقضية واينستين حتى بدأت تقارير أخرى بالظهور حول تورُّطها في محاولة جديدة لتشويه سمعة بعض المدنيين من الإدارة الأميركية للرئيس السابق باراك أوباما، وتحديدا هؤلاء الذين شاركوا أو كانوا جزءا من المفاوضات التي أدَّت إلى توقيع الاتفاق النووي الإيراني عام 2015، ضمن محاولة لتشويه سمعة الاتفاق نفسه، وعلى رأس هؤلاء  “تريتا بارسي”، مؤسس ورئيس المجلس القومي الإيراني الأميركي الذي عمل مستشارا حول الملف الإيراني في إدارة أوباما، وكلٌّ من كولين كاهل وبن رودس مستشارَيْ السياسة الخارجية السابقَيْن في الإدارة ذاتها، وكارولين تيس  التي عملت مساعدة خاصة للرئيس الأميركي، والمسؤولة الأولى للشؤون التشريعية الخاصة بالاتفاق النووي الإيراني بمجلس الأمن القومي، وقد أفادت تقارير أخرى بتورُّط إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب نفسها  نفسها في عمليات “بلاك كيوب” الهادفة لخلق دعاية سيئة حول الاتفاق النووي.

سلَّطت حالتا “إن إس أو” و”بلاك كيوب” الضوء على “السر المظلم والقذر” وراء شعار “أمة الشركات الناشئة” الذي يتبنَّاه الاحتلال في التسويق لنفسه عالميا بحسب وصف الصحافي “ريتشارد سيلفرشتاين”. فبينما تعمل شركة “بلاك كيوب” على الأرض وبعملاءَ (أو جواسيس) ينتحلون شخصيات حقوقيين وناشطين بهدف البحث والتدقيق في حياة الأشخاص المستهدفين، تقوم “إن إس أو” بالجانب الإلكتروني من الأمر، وكلاهما يعمل وكيلا للحكومة الإسرائيلية التي يجب نيل موافقتها عندما يتعلَّق الأمر بتوقيع عقود تصدير التقنيات “التجسُّسية” للعملاء المحتملين، أو العمل الذي يستهدف تخريب السياسات الخارجية لدول أخرى، كما حدث في حالة الاتفاق النووي الإيراني.

الأزمة بين نتنياهو والملك الأردني قد تنعكس على الحدود

تكرس الأزمة “الإسرائيلية” . . سيناريو المعركة الخامسة في الأفق

إسرائيل حسمت بشأن التدخل في الحرب السورية وإسقاط الأسد

تدَّعي “إن إس أو” على الرغم من هذا أن تقنياتها تهدف فقط إلى إنقاذ الأرواح وإيجاد عالم أكثر أمانا من خلال مساعدة الحكومات على مكافحة الجريمة والإرهاب، وأنها تُدقِّق في الحالات التي يُعتقد أنها تُهدِّد أمن المواطنين الأبرياء، وبإمكانها وقف عمل برامجها وتعاقداتها مع عميل ما إذا ثبت استخدامه لتقنياتها بطريقة سيئة، وهو ما يزعم شيليف هوليو أنه حدث بالفعل مع ثلاثة من العملاء دون تسميتهم، لكن مايكل شولوف -الخبير السيبراني- يرى أن مثل هذا التعهُّد من الشركة ومؤسِّسها لا يمكن تحقيقه أغلب الوقت، فبمجرد بيع الشركة لبرمجياتها إلى العملاء، يصعب تعقُّب مَن تستهدفه الحكومات أو وكالات إنفاذ القانون التي تتعامل معها الشركة حصريا، وهو ما يُمثِّل في حد ذاته خطرا يصعب تجنُّبُ عواقِبِه على حقوق المدنيين والحريات.


يُصدِّق على هذا الطرح “إدوارد سنودن”، العميل السابق بوكالة المخابرات الأميركية، الذي لم يجد غضاضة في وصف “إن إس أو” (NSO) باعتبارها “الأسوأ من بين أسوأ” الشركات في مجال صناعات الأمن السيبراني، وذلك بسبب الاستخدام المُكثَّف لتقنياتها في انتهاكات حقوق الإنسان للنشطاء البارزين حول العالم، وقد دفع الاستنتاج نفسه منظمة العفو الدولية في (مايو/أيار) 2019 بالبدء في اتخاذ الإجراءات  اللازمة لدفع الحكومة الإسرائيلية لإلغاء ترخيص التصدير الخاص بتقنيات “إن إس أو” (NSO)، ومنعها من التربُّح من “القمع الذي ترعاه الدولة” كما وصفته “مارغريت ساترتويت” مديرة كلية الحقوق بجامعة نيويورك.

كان قرار العفو الدولية باتخاذ إجراءات قانونية ضد المجموعة الإسرائيلية أمام المحاكم الإسرائيلية نفسها نابعا من سعيها لوقف استهداف النشطاء المختلفين، وإن اتخذ الأمر شكلا مشروعا اشتركت فيه المنظمة مع كلٍّ من معهد بيرنشتاين لحقوق الإنسان ومركز العدل العالمي التابعَيْن لكلية الحقوق بجامعة نيويورك، وكانت أولى خطواتهم القانونية مُمثَّلة في عريضة قُدِّمت إلى المحكمة المركزية بتل أبيب يوم الرابع عشر من مايو/أيار 2019 تصف الخطر المستمر على حقوق الإنسان عالميا ما دام ترخيص “إن إس أو” (NSO) الرسمي مستمرا بموافقة وزارة الحرب الإسرائيلية.

لكن تلك الدعاوى القضائية لم تنجح كما هو مُتوقَّع في وقف عمليات وصفقات الشركة، ولم تؤثر على رواج تقنياتها حول العالم؛ مع كونها تستمد قوتها من حماية وزارة الحرب الإسرائيلية لها في الداخل ومن قوة عملائها في دولهم في الخارج. ولكن على النقيض ربما يكون العكس تماما هو ما حدث، حيث ارتفع الطلب على مثل هذه التقنيات، خاصة من الحكومات والأجهزة الأمنية القمعية، وخاصة مع وجود منتج قوي وذي فاعلية عالمية كما في حالة “بيغاسوس”.

لا يجعل هذا من “إن إس أو” (NSO) كيانا يساوي مئات الملايين من الدولارات فقط، بل إنه يُضيف لاقتصاد إسرائيلي يعتمد تماما على مثل هذا النوع من الشركات، مع أكثر من 300 شركة  مُتخصِّصة في الأمن السيبراني تُغطِّي مجالات واسعة تبدأ من أمن البنوك ولا تنتهي بالأنشطة الدفاعية وحماية البنية التحتية والأمن القومي للكيان المحتل، وعلى الرغم من أن تقنيات “إن إس أو” (NSO) تُساهم بانتهاكات عدة لحقوق الإنسان، فإن الشركة تتجه الآن للمفارقة الساخرة نحو صناعة هاتف محمول لا يمكن اختراقه، دواء تحاول به الشركة معالجة دائها الخاص وتجاوز تقنياتها الخاصة لتطوير أخرى جديدة يحتاج إليها العملاء ذاتهم الذين يستخدمون “بيغاسوس”، وتحتاج إليها هي لحماية أمن الاحتلال الخاص إذا ما قرَّر عملاؤها -أصدقاء اليوم أعداء الغد المحتملون- استخدام تقنياتها القديمة لتهديد الأمن القومي لدولة الاحتلال، أو لأيٍّ من حلفائها الافتراضيين.

المصدر/ الجزيرة

شاهد أيضاً

بينما نتنياهو مشغول بمذكرة الاعتقال: يستمر بينيت بالتقدم

ترجمة : امين خلف  الله  معاريف موشيه كوهين استطلاع “معاريف”: تزامنا مع أنباء عن تسوية …

%d مدونون معجبون بهذه: