وجود راوتر في منزلك يبث Wi-Fi يعني أن هناك ترددات كهرومغناطيسية منتشرة على نطاق واسع داخل المنزل لتستقبلها أجهزة أخرى مثل الهاتف أو اللابتوب لمنحها إمكانية الوصول إلى الإنترنت. القاعدة المعروفة أن الترددات الكهرومغناطيسية التي يبثها الراوتر تجري في جميع الاتجاهات ضمن طيف حلقي وبالتالي تصبح الإشارة أوسع فأوسع كلما ابتعدت عن مصدر الإشارة (الهوائيات) وهذا يترجم إلى أن الجهاز كلما كان بعيدًا عن الراوتر سيحاول إلتقاط أقرب الترددات الكهرومغناطيسية ضمن نطاق تغطية الواي فاي، وبالتالي سرعة الانترنت ستتأثر وفقًا لقوة الإشارة. هذه الطريقة التي تعمل بها الراوترات التقليدية وتعتبر غير فعالة لأن الإشارات نوعًا ما “مبعثرة” حتى جاءت تقنية Beamforming وغيرت قواعد اللعبة!
ابتكار Beamforming ليس وليد الساعة فهذا المصطلح كان موجودًا بشكل أو بآخر لفترة في مجال الشبكات، ولكن اكتسب أهمية متزايدة في الأجيال الحديثة من الواي فاي وباتت معظم الراوترات الجديدة الآن، أو على الأقل المتطورة تأتي بـ Beamforming كميزة رئيسية تتسارع الشركات المصنعة لدعمها لتحسين استقبال إشارات الواي فاي وتقليل التداخل. لذلك دعونا نوضح فيما يلي كل ما يتعلق بهذه التقنية باستخدام أبسط المصطلحات والكلمات.
على عكس الراوترات العادية التي تقوم ببث إشارة الواي فاي في جميع الاتجاهات، أي راوتر يدعم Beamforming يعني أنه يقوم بتضييق نطاق تركيز إشارة الواي فاي وإرسالها في طريق مباشر (طيف مستقيم) إلى الأجهزة المتصلة، فبدلًا من أن تكون الترددات الكهرومغناطيسية مبعثرة وثابتة في كل الاتجاهات تعمل الـ Beamforming على تجميع الترددات بشكل ديناميكي وبثها إلى الأماكن حيث توجد الأجهزة المتصلة بالشبكة لاسلكيًا.
لتبسيط الأمر، يمكنك النظر إلى هذه التقنية وكأنها “اتصال لاسلكي سلكي” فمع مرور الإشارات في شكل حزم مجمعة يقل تداخل الإشارات المحيطة وزيادة قوة الإشارة لكل جهاز. النتيجة النهائية أن Beamforming تحافظ على ثبات سرعة الاتصال أثناء التنقل باجهزتك من مكان لآخر.
فيما يلي رسم مبسط للغاية من TP-Link يوضح بصورة عامة آلية عمل الـ Beamforming في الراوترات. كما ترى، بمجرد اتصال جهاز (هاتف، لابتوب، طابعة) بالراوتر الذي يدعم هذه التقنية، يستطيع الراوتر تحديد مكان الجهاز وتهيئة موجات الراديو المنتشرة نحو هذا المكان بالضبط لتقوية الإشارة بكفاءة أعلى. بينما في الراوترات التقليدية، تبقى موجات الراديو ثابتة بشكل دائم طالما يظل الراوتر ساكنًا في مكانه.
كيف تعمل تقنية Beamforming ؟
دعني أخبرك أن تطبيق الفكرة ككل معقدًا ولكن فهمها أمر بسيط جدًا. كبداية نتفق على أن Beamforming تعتمد في جوهرها على تقنية أخرى تُدعى MIMO (اختصارًا لـ Multiple Input, Multiple Output وتعني بالعربية مدخلات/مخرجات متعددة) وكما يوحي الاسم، تجعل هذه التقنية الراوتر يقوم بإرسال واستقبال البيانات عبر هوائيات (انتينات) متعددة على مقربة من بعضها البعض لتوفير بث واي فاي قوي.
دمج الـ Beamforming مع هذه التقنية يتيح للراوتر تكوين طبقات متعددة من موجات الإشارة ودفعها في نفس الوقت إلى الجهاز المستقبل المحدد، مرة أخرى، الهدف هو تقوية اتصال الواي فاي على الهاتف أو اللابتوب أو ايًا كان الجهاز المتصل. إذا أردت التعمق أكثر نوصى بترجمة وقراءة هذا المقال من ويكيبيديا.
إذًا نستطيع القول أن Beamforming بشكل عام تمثل نوع من الترددات اللاسلكية المستخدمة لتوجيه إشارة قوية ومركزة إلى جهاز مستهدف، بمعنى أن الـ Beamforming ليست حصرية للراوترات بل كانت ولا تزال تستخدم في أجهزة أخرى كثيرة سواء التي تبث موجات راديو أو موجات صوتية مثل السونار. ولكن وصولها لأجهزة الراوتر تحديدًا تم في عام 2009 عندما ظهر معيار 802.11n أو الجيل الرابع للواي فاي (Wi-Fi 4) والذي يعد أو جيل يدعم تقنية الـ MIMO وكما أشرنا سلفًا، ميزة Beamforming هي جزء من MIMO.
لكن في ذلك الوقت الميزة كانت اختيارية وقابلة للتعديل، بمعنى أن الشركات المصنعة يمكنها إنتاج راوتر بمعيار 802.11n لكنه لا يدعم الـ Beamforming كذلك الشركات المصنعة للهواتف والحواسيب، فدعم Beamforming لا يرتبط بدعم الجيل الرابع للواي فاي. نتيجة لذلك، لم تكتسب هذه الميزة شهرة، فلو افترضنا أنك قمت بشراء راوتر بمعيار 802.11n ويدعم الـ Beamforming ولكن اللابتوب لا يدعم هذه الميزة رغم دعم معيار 802.11n أيضًا ففي هذه الحالة لن يستطيع اللابتوب التواصل مع الراوتر ليخبره عن مكانه حتى يتمكن الراوتر من توجيه الإشارة إليه بدقة.
بالإضافة إلى ذلك، تستطيع الشركات المختلفة أن تغير من طريقة عمل الـ Beamforming وإضافة تعديلاتها الخاصة، وهذا يعني ان حتى لو كان الراوتر والهاتف أو اللابتوب يدعمان Beamforming فالمستخدم لن يستفاد منها في شيء لان الراوتر من شركة والجهاز من شركة أخرى. وبالتالي لم يكن هناك ما يضمن توافق الميزة بين الأجهزة وبعضها. لهذه الأسباب أيضًا لم تنتشر الميزة على نطاق واسع.
شاومي تعلن عن هاتفها الرائد الجديد Mi 11 Ultra
كيف تجعل بطارية سماعة AirPods تدوم لفترة أطول
لابتوب Framework المنتظر يمكنك ترقية جميع أجزائه بسهولة!
لكن في عام 2014 ومع الإعلان عن معيار 802.11ac أو الجيل الخامس للواي فاي (Wi-Fi 5) تم تقديم Beamforming كجزء من المعيار ويعمل بطريقة موحدة لا تختلف من جهاز لآخر. بمعنى أن أي راوتر يدعم 802.11ac وتقنية Beamforming ستستفيد الأجهزة المتصلة به من الميزة طالما أنها تدعم 802.11ac وتقنية Beamforming أيضًا، والاستفادة المقصودة هنا أن الأجهزة المتصلة ستتمكن من إعلام الراوتر بمكانها لتركيز الإشارة نحوها. لكن جزء من المشكلة ما زال متبقي، وهو أن جميع الأجهزة الداعمة لمعيار 802.11ac ليس بالضرورة أن تكون داعمة كذلك لـ Beamforming.
جدير بالذكر أيضًا أن تقنية Beamforming قد يتم دعوتها بأسماء مختلفة لأغراض تسويقية خاصة بكل شركة، فمثلًا تطلق عليها D-Link اسم Advanced AC SmartBeam بينما في راوترات Asus تسمى AiRadar. لكن مهما اختلفت الأسماء فالمبدأ واحد.
هل تقنية Beamforming مدعومة في أجهزتك ؟
ومع انتشار هذه التقنية قد يتساءل البعض حول ما إذا كانت الاجهزة لديه سواء الراوتر او اللابتوب تدعم ميزة Beamforming أم لا. الأمر بسيط جدًا، فإذا أردت التحقق من ذلك، يمكنك ببساطة مراجعة الموقع الرسمي للشركة المصنعة للأجهزة التي تستخدمها، فإذا كنا نتحدث عن “الراوتر” بشكل خاص، قم بإجراء بحث على الإنترنت باستخدام موديل الراوتر ليتم إرشادك إلى صفحة المعلومات الرسمية الخاصة به وستجد أن الـ Beamforming من الميزات التي تصنفها الشركة كميزة رئيسية، كما ستجدها مطبوعة على علبة الراوتر أيضًا. على سبيل المثال، Archer VR400 و Archer VR600 من TP-Link من أشهر الراوترات التي تدعم هذه الميزة في مصر.
مع الآخذ في الاعتبار أن معظم الشركات المصنعة للراوترات، بما فيهم TP-Link تقوم بدعم الـ Beamforming فقط عند الاتصال بشبكات واي فاي بتردد 5 جيجاهرتز. من الناحية الفنية، هذا الأمر منطقي لأن من عيوب تردد 5 جيجاهرتز المدى القصير للإشارة وبالتالي ستقوم الميزة بتعزيز تجربة الاتصال على هذا التردد، كما أن عملية الـ Beamforming تتطلب قوة معالجة ضخمة (لذلك تتوفر في الراوترات المتطورة المزودة بمعالجات إحترافية) وبالتالي إذا توفرت في كلا الترددين 2.4 جيجاهرتز و 5 جيجاهرتز فسيؤثر ذلك بشكل كبير على تكلفة الراوتر.
أما بالنسبة للهواتف الذكية فالأمر يكاد يكون مستحيل، حيث لا يتم اعتبار تقنية Beamforming من التقنيات المهمة بالنسبة للشركات المصنعة وبالتالي لا يتم وضعها ضمن مواصفات الهاتف الأساسية. إذً فلا توجد وسيلة مؤكدة تستطيع من خلالها معرفة ما إذا كان هاتفك الاندرويد او الآيفون يدعم هذه التقنية أم لا. ومع ذلك، هناك احتمال كبير أن الهواتف الداعمة لمعيار 802.11ac تكون داعمة أيضًا لهذه الميزة.
على الجانب الآخر، أجهزة اللابتوب، وهنا يمكن للمستخدمين التحقق من توافر دعم الـ Beamforming من خلال مطالعة المواصفات الفنية لبطاقة الوايرليس المستخدمة. كل ما عليك هو فتح أداة Device Manager في ويندوز ثم الانتقال إلى قسم Network adapters والبحث عن تعريف Wireless LAN ثم نسخه وإجراء بحث عنه على الانترنت، لتجد بعد ذلك صفحات كثيرة ترشدك إلى مواصفات بطاقة الشبكة ومن ضمنها دعم تقنية Beamforming.
في النهاية، لن تؤدي تقنية Beamforming إلى زيادة سرعة الإنترنت لديك، وإنما الهدف منها تحسين الإشارة وتعزيز سرعتك الفعلية أثناء التنقل باجهزتك بعيدًا عن الراوتر. وبالتالي، إذا كنت تنوي شراء راوتر جديد فتعد Beamforming من الميزات التي تستحق التجربة، طالما أن لديك أجهزة حديثة وتدعم معيار 802.11ac. وإذا حصلت على راوتر يدعم هذه التقنية بالفعل فهذا أمر جيد بالتأكيد، حيث لا توجد جوانب سلبية لتقنية Beamforming بصرف النظر عن التكلفة التي قد تتحملها للحصول على راوتر أكثر تطورًا مع هذه الميزة. ونؤكد مجددًا، الـ Beamforming ليست ميزة بالمعنى الحرفي، وإنما تقنية معالجة إشارة لموجات الراديو والموجات الصوتية بشكل عام.
المصدر/ عالم الكمبيوتر