الرئيسية / الأخبار المحلية / أنشر خبراً / أزمة الكهرباء في قطاع غزة

أزمة الكهرباء في قطاع غزة

بقلم: رامز طلب المدهون
كثر الحديث واللغط والاجتهاد المصيب أحيانا والمخطئ احايين كثيرة في موضوع مشكلة وأزمة الكهرباء في قطاع غزة والتي بدأـ أزمة مماثلة لها تظهر اثاراها في الضفة الغربية بعد مخاض في بوادرها منذ عدة سنوات.
إن أزمة الكهرباء تتلخص وببساطة بعدم وجود كمية كهرباء – طاقة كهربائية – تكفي الطلب الحالي والمتزايد على الطاقة الكهربائية. وبالتالي فان آثار تلك الأزمة تظهر في سياقين متصلين، الأول هي الأثر السلبي الحالي على حياة المواطن في كافة المجالات الاقتصادية والصحية والتعليمية وغيرها والتسريب غير المنتج لموارد مالية تستخدم بشكل فردي لمحاولة إيجاد حلول فردية على شكل مولدات كهرباء شخصية وبطاريات وأجهزة شحن وأجهزة تحويل inverters وأجهزة كهربائية منزلية تعمل بجهد منخفض ….. الخ.
والسياق الثاني، هو سياق تنموي على مستوى المجتمع والاقتصاد الكلي، بحيث ان عجلة النمو الاقتصادي التي تعتمد في ابسط مقوماتها على توفر مدخلات الإنتاج والبنية الأساسية قد تعطلت أو في طريقها الى التعطل الكامل بسبب تفاقم ازمة الطاقة الكهربائية. ولقد أخبرني أصدقاء وزملاء في الضفة وغزة ان هناك مصانع بأكملها قد إلغاء طلب شرائها أو انها موجودة في حاوياتها وصناديقها ولا مجال لتركيبها وتشغيلها بسبب عدم توفر الطاقة الكهربائية. كما أن أثر المضاعف الاقتصادي السلبي يظهر في انخفاض إنتاجية وكفاءة قطاعات كثيرة ليس اقلها الصحة والتعليم والخدمات العامة وذلك يضاف للإعاقة في القطاعات المنتجة بسب ارتفاع تكاليف بدائل الطاقة الكهربائية.
إن أقصى مجال للحلول الأنية والمؤقتة تتمثل فقط في استخدام الطاقة المتاحة 120 ميغا وات / ساعة من الخطوط الإسرائيلية، 60 – 80 ميغا من محطة التوليد و30-35 ميغا من المولدات القطاع الخاص، مجموع المتوفر = 235 ميغا وات / ساعة، بينما الطلب الحالي في حدود 550 ونسير في ارتفاع طلب تصاعدي يصل الى 10% سنويا تقريبا (8- 15 % بشكل متقلب)، أما كيفية إدارة الكمية المتاحة حاليا هذا امر اداري متعلق بشركة التوزيع وسلطة الطاقة.


كما كثر الحديث عن بدائل لتوفير الطاقة الكهربائية مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية وخط غاز وخط 161 وغيرها:
• موضوع الرياح، كل إخواننا المختصين والدراسات التي قامت بها جهات مختلفة، كلهم يؤكدون وجوب توفر سرعة رياح تصل الي 3.5 متر / الثانية على الأقل بشكل مستمر للبدء في التفكير في توربينات الرياح بشكل اقتصادي وهذا غير متوفر في قطاع غزة ولو قال قائل ان سرعة الرياح تزيد مع الارتفاعات العالية، فأقول ان جبال نابلس ورام الله ترتفع فوق 800 متر عن سطح البحر! ، دعونا نتواصل مع المستثمرين هناك ليستوردوا واحدة او اثنتين ونرى النتائج !. أن قياسات توربينة الرياح هي 100 متر ارتفاع (ارتفاع كبير جدا) و 30- 50 متر طول شفرة المروحة ويجب استخدام 3 شفرات و هذه التوربينات تركبها رافعات ضخمة يتم استئجارها من المانيا ، كل لذلك لإنتاج 2-3 ميغا فقط ، طبعا توربينات الرياح يتم تركيبها في مناطق مفتوحة وبعيدة عن الناس ( بحر الشمال مثلا) بسبب الضوضاء العالية التي تصدرها و التي تتجاوز معايير الضوضاء للمدن . كما ان عدم وجود قدرات ومهارات بشرية لتركيب وتشغيل وصيانة هكذا تقنية وصغر حجم قطاع غزة يجعل موضوع طاقة الرياح في قطاع غزة اسطورة ليس لها معنى.
• موضوع الغاز: الغاز هو لتشغيل التوربينات في محطة التوليد ووجود الغاز بحد ذاته لا يولد كهرباء، الغاز يخفض تكاليف انتاج الكهرباء في محطة التوليد ولا يزيد كمية الكهرباء المولدة من التوربينات، يعني توفر كل الغاز في العالم لن يزيد انتاج محطة التوليد عن الحد الأقصى التصميمي لها وهو 120 ميغا وات / ساعة بافتراض تشغيل المولد الرابع.
• الطاقة الشمسية: كل 1 ميغا تحتاج الى 10 دونم من الأرض على الأقل بافتراض عدم وجود مسافات فاصلة بين الألواح او افتراض استخدام الواح ذات كفاءة اعلى من المتداولة حاليا. يعني 100 ميغا وات تحتاج الى 1000 دونم !!! ، طبعا لو اننا نعيش في صحراء نيفادا او الصحراء الكبرى لقلنا انه توجد لدينا أراض كافية لهكذا حل . كما ان الطاقة الشمسية متوفرة فقط 8 ساعات نهارية بحد اقصى في الصيف وبالتالي نعود ليلا لمحاولة تدبير أنفسنا بما يتوفر من طاقة من المصادر التقليدية. الطاقة الشمسية تقنية ممتازة وتحل مشكلات كثيرة للمؤسسات والمنازل والمدارس التي تحتاج الى حمل انارة وليس حمل تشغيلي – انتاجي خلال النهار. الطاقة الشمسية في حالة قطاع غزة لا تقيم ول تشغل اقتصاد بلد، انما توفر حلول منفصلة للمنشآت التي تستخدمها، أضف الى ذلك مشكلة رئيسية تتمثل بان شبكة الكهرباء في غزة يجب ان تكون live أو يكون المشترك دوما متصل بالشبكة on grid لتتمكن المؤسسات والمباني التي يتوفر لديها فائض كهرباء خلال النهار ان تصدر للشبكة.
• اما خط 161 KVA العتيد، فهو غير موجود على أرض الواقع ويستوجب وجوده عمل فني كبير بفرض وجود القرار السياسي المناسب، كما ان الحديث عنه وكأنه سيحل المشكلة فورا، هو امر بعيد جدا عن الواقع حيث انه سيكون قادر على إضافة 100 ميغا وات إضافية فقط ولجعله يتحمل ال 500 – 700 ميغا وات يستدعي كما ذكرت عمل تقني وانشاء محطات تحويل وتفاصيل فنية قد تأخذ فترة طويلة نسبيا.
كما وكثر اللغط والحديث بخصوص المولدات الخاصة وهنا اعتقد انه يجب تكليف شركة محاسبة وتدقيق او أحد خبراء المحاسبة بشكل رسمي ومقبول من جميع الأطراف لعمل دراسة تكاليف حقيقية وموثقة وان تكون بياناتها معروفة للجميع للخروج من حالة اللغط وحالة الاتهام والاتهام المضاد. ويجب دراسة تكاليف التكاليف الحقيقية بمعنى تطبيق أساس الاستحقاق المحاسبي وليس الأساس النقدي وعدم إخفاء اية بنود، كما انه من حق أصحاب المولدات ان يتم التعامل معهم بنفس معايير التفضيل والإعفاءات وغيرها طالما تم اعتبارهم قطاع انتاجي. أنه من حقي كمواطن ان احصل على سعر الكهرباء بنصف شيكل فقط او اقل وان مبادئ التنافس تستدعي التنافس في رفع مستوى الخدمة وتخفيض التكلفة وليس العكس. إن محاولة دس السم بالعسل وكلمة الحق التي يراد بها باطل والتطبيل والتزمير لمبلغ 2.5 شيكل للكيووات وكأنه انجاز تاريخي ـ أشعر -وارجو ان أكون مخطئاً- انه يحمل في باطنه محاولة تأهيل الناس لتقبل فكرة رفع سعر الكهرباء بمجملها وتأتيك شركة توزيع الكهرباء لتقول طالما ان الناس مسرورين وقادرين ويبعثوا لنا برسائل الفرحة والمؤازرة، اذن لا ضير من رفع السعر الى 2 او 2.5 شيكل للكيلووات، علما ان الناس مسرورة بتخفيض السعر من 4 الى 2.5 ليس الا.
كما أود أن أعرج على موضوع المولد الرابع في محطة التوليد والذي لم يتم تشغيله لحد الان، فمن الناحية الكلية المولد الرابع مفروض ان يكون قادر على انتاج 30-35 ميغا وات إضافية حسب علمي وهذا مكافئ لما تنتجه المولدات الخاصة، لكن لن يكون قادر على سد الفجوة بسبب ان خريطة توزيع المولدات الخاصة تختلف عن خريطة توزيع شركة توزيع الكهرباء. كما انه حتى إذا تم تشغيل المولد الرابع سيصبح لدينا طاقة 270 ميغا وات / ساعة بحد اقصى فقط لا غير، اذن مشكلة العرض في الطاقة الكهربائية ما زالت موجودة وكل ما هنالك انه ممكن تقلل ساعات الفصل او ممكن تزيد ساعات “البونص”. أما لماذا لم يتم تشغيل المولد الرابع هذا يجب ان تجيب عليه سلطة الطاقة وشركة التوليد.
إن دور سلطة الطاقة أساسي وجوهري ولا يمكن ان يتم حل مشكلة الطاقة الكهربائية بعيدا عن سلطة الطاقة، ويجب ان تقوم سلطة الطاقة بالتفكير في حل المشكلة في بعدين:
1. بعد أني اغاثي طارئ: وهو التعامل الطارئ والذي طال أمده مع كميات الطاقة المتوفرة ومحاولة توزيعها بشكل عادل ومعقول.
2. بعد تنموي وطني: التفكير او استدعاء التفكير والتخطيط لحل استراتيجي ينهي مشكلة النقص المتراكم ويأخذ في الحسبان الطلب المتزايد وقد اقترحنا في وقت سابق موضوع المحطة الحرارية التي ستكون قادرة على حل مشكلة الكهرباء ومياه الشرب والنفايات الصلبة والمجاري وتشغيل أيدي عاملة بشكل استراتيجي وتكلفة هكذا محطة هي موازية ان لم تكن اقل على المستوى الاستراتيجي والاقتصاد الوطني من كافة الحلول المؤقتة.
ان هناك ضبابية في موضوع الكهرباء وهذا يعود لغياب الشفافية والوضوح والمحاسبة على الأداء وليس المحاسبة على الفواتير، كما ان محاولة البعض تحويل الموضوع الى مشكلة جباية فهذا مزعج جدا لأنه بفرض التحصيل 100 % من كافة الفواتير فأن كمية عرض الطاقة غير كافية. أن موضوع الجباية مهم لتشغيل الأعمال اليومية لشركة توزيع الكهرباء التي تعاني من مشاكل كثيرة وجزء كبير من تلك المشاكل تخص النمط الإداري وموازين القوى وان منظم الخدمة شريك في الشركة وأمور كثيرة.
ان عدم وجود منظم خدمة محترف وليس له مصلحة مع مزودين الخدمات هو امر أساسي من اساسيات حوكمة الإدارة العامة.
جزء من الضبابية ناتج من خلط الناس بين شركة توليد الكهرباء وشركة توزيع الكهرباء وسلطة الطاقة.

كلمة أخيرة، يجب ان انبه اننا الان قمنا فزعة لموضوع الكهرباء وهناك من يقول بعملية تدريج الحل ولا يفرق بين الحل المؤقت والحل الاستراتيجي التنموي، كما اننا فشلنا في حل مشاكلنا عبر التدريج المزعوم والمشكلة متفاقمة و منذ اكثر من 25 سنة لم يتم حل أي من المشاكل الاستراتيجية عبر سياسات ورشات العمل والعصف الذهني والتدخلات المؤقتة والمتدحرجة و القطاعية و … الخ .
سنتنبه بعد قليل وبعد انتهاء تدريج حل مشكلة الكهرباء – ان نجح التدرج بالحل – سنتنبه لمشكلة عدم وجود مياه صالحة للشرب للسكان الذين وفرنا لهم الكهرباء!!! وسنقيم الأرض ونقعدها على محطات التحلية التي تبيع المتر المكعب ب 30 شيكل للكوب مقارنة ب 1 – 4 شيكل من مياه البلديات علما انهم يستخدمون طاقة كهربائية ومياه الخزان الجوفي ويلقون بالمياه العادمة في شبكة البلدية ومع ذلك لا يستطيعون انتاج 100 مليون متر مكعب سنويا هي كمية السحب الذي نقوم به من الخزان الجوفي حاليا والمستنفد، بخلاف كمية مماثلة للأغراض الزراعية.
كما سنتنبه لمشكلة تراكم النفايات الصلبة ونبدأ “العصف الذهني ” للحلول التدريجية وتكون مكبات النفايات في قطاع غزة قد امتلأت فعلا حاليا!! ، وأيضا سنصحو فجأة على مشكلة طفح المجاري وان مياه المجاري المعالجة لا تصلح للزراعة بسبب ملوحتها وبسبب اننا لم نحل مشكلة مياه الشرب التي تنتج منها المجاري!! ثم سنبدأ في التدريج في حل تلك المشكلة أيضا والتي بدانا بالتدريج في إقامة محطات معالجة مجاري تحتاج كهرباء غير متوفرة ثم بعد المعالجة نلقي في المياه المعالجة في البحر لأنها لا تصلح لشيء (ما عدا مجاري الشمال).
لذلك يجب التوقف عن التفكير بشكل قطاعي وعدم التعامل مع الوطن كأنه دويلات منفصلة واقصد هنا دويلة قطاع الكهرباء ودويلة قطاع المياه ودويلة قطاع النفايات الصلبة ودويلة الصحة ودويلة البيئة …. الخ.

شاهد أيضاً

لجنة العاملين بالكلية الجامعية للعلوم والتكنولوجيا تلتقي وكيل وزارة التعليم العالي الدكتور ابراهيم القدرة وتبحث معه هموم العاملين بالكلية

غزة- غزة برس: التقى اعضاء لجنة العاملين بالكلية الجامعية للعلوم والتكنولوجيا مع وكيل وزارة التعليم …

%d مدونون معجبون بهذه: