كشفت جائحة كورونا، عيوبا مجتمعية واقتصادية كبيرة لدى بلدان الخليج العربي، تمثلت بشكل رئيسي بالاعتماد الكبير على العمالة الوافدة المغتربة.
ولفتت صحيفة لوفيغارو الفرنسية، إلى مظاهر التأثير الذي لاقته شعوب ومجتمعات دول الخليج، بعد تغلغل كورونا بين صفوف المغتربين والوافدين، بسبب ظروف المعيشة الصعبة التي يعيشها الملايين منهم هناك.
وعلى الرغم من الخطط العديدة والسياسات والتشريعات التي اعتمدتها الكثير من دول الخليج لإحلال مواطنيها بديلا عن المغتربين، إلا أن حجم تطبيق تلك الخطط لم يرتق للمستوى المطلوب، وبقيت العديد من الوظائف حكرا على الوافدين لصعوبة توفير البديل الوطني فيها أو غياب الكفاءة.
سيناتور أمريكي: إدارة ترامب تعد لصفقة أسلحة جديدة مع السعودية رغم اعتراضات الكونغرس
مسلمو الروهينجا: “بقينا في البحر لشهرين وكانت الجثث تُلقى من السفينة ليلا”
أقرأ ايضاً:هل تستطيع دول الخليج مواصلة التمويل الباذخ لجيوشها بعد أزمتي كورونا والنفط؟
وأضافت لوفيغارو أنه بالإضافة إلى هبوط أسعار النفط الذي تسبب في تباطؤ الاقتصادات، أعادت الأزمة الصحية الناجمة عن وباء كورونا إحياء الجدل حول سياسات الأفضلية الوطنية بشأن العمالة.
وجاءت التصريحات الصارمة أكثر بهذه الخصوص من الكويت، التي يصل عدد الأجانب فيه إلى 3.4 ملايين نسمة من أصل 4.8 ملايين ساكن. ومن المتوقع أن يغادر عدد كبير من الأجانب دول الخليج العربي مع تباطؤ النشاط الاقتصادي، الذي من شأنه أن يسرّع “سعودة” الوظائف، التي تم إطلاقها منذ سنوات، من دون أن تحقق أي نجاح لافت حتى الآن، لصالح وظائف متوسطة، في قطاع السياحة مثلاً.
وأوضحت الصحيفة أن دولتي قطر والإمارات العربية المتحدة وحرصا منهما على الاستجابة لعدم التوازن الديموغرافي الواضح، فإنه من المفترض أن تستفيد كل منهما من الأزمة الصحية الحالية، لمضاعفة عقود Build Operate Transfer مع شركائهم الأجانب، على أساس نقل المهارات التي تسمح لهم بتدريب الأُطُر.
ولهذا السبب استثمرت الإمارات في الذكاء الاصطناعي والأتمتة، مخفضة بذلك حاجتها من اليد العاملة الأجنبية. لكن المشكلة التي ستواجهها الإمارات قريبا تتمثل في كيفية الحفاظ على من يعرفون بــ”cols blancs”، أي أصحاب “الوظائف المكتبية”، في الوقت الذي تنخفض فيه الأجور وتخشى فيه نحو 70 في المئة من الشركات من الإغلاق خلال الأشهر الستة المقبلة.
في السياق قالت صحيفة “نيويورك تايمز”، إن تفشي فيروس كورونا، كشف عن حجم الظلم وعدم المساواة، التي تتعرض لها العمالة الوافدة في دول الخليج.
وقالت الصحيفة في تقرير للصحفية “فيفيان يي”: إن كورونا، أجبر دول الخليج الثرية، على التعامل مع قوة العمل المهاجرة، بطريقة مختلفة، وهي التي يعتمد عليها في الكثير من الأعمال التي لا يريد مواطنوها القيام بها.
وأشارت في تقريرها الذي نشرته أيار/مايو الماضي، إلى أن برنامجا عرض على التلفزيون الكويتي، لمناقشة موضوع كشف عنه فيروس كورونا المستجد، وهو ما بات المواطنون يتساءلون عنه، وهو “هل على بلدهم الصغير والمملكة الغنية بالنفط، الاعتماد وبشكل كبير كما فعل في الماضي على العمالة الأجنبية، التي عانى أفرادها من أكبر إصابات من الفيروس ودفعوا الثمن للإغلاق العام؟”.
وتساءل أحد المشاركين، ويدعى أحمد باقر قائلا: “اذهبوا لمراكز التسوق في الكويت، فهل تشاهد كويتيا يعمل هناك؟” ويجيب: “لا إنهم من جنسيات مختلفة”. وتعلق الصحفية ساخرة أن باقر لم يكد يكمل كلامه حتى ظهر عامل من جنوب آسيا يحمل صينية شاي وقدمها للمشاركين.
ولفتت إلى العامل تكرر حضوره الذي لم يلتفت إليه أحد ثلاث مرات، إلا في حالة واحدة عندما طلب أحد المشاركين كأس شاي جديد. ففي مجتمعات الشرق الأوسط الثرية تعتمد آلة الحياة اليومية على العمالة الوافدة من آسيا وأفريقيا والدول العربية الفقيرة، وهناك ملايين العاملين في المقاهي وفي الخدمة المنزلية والمجال الطبي وعمال البناء وخدمات التوصيل والطهاة وجامعي النفايات والحراسة وصالونات التجميل والفنادق.
وقالت الصحيفة إنه “عادة ما يتجاوز عدد العمال الوافدين السكان الأصليين. وعادة ما يقوم هؤلاء بالوظائف التي لا يريد المواطنون القيام بها، إلا أن تراجع أسعار النفط وتحول معسكرات العمالة إلى بؤر لانتشار الفيروس، دفع المواطنين لمطالبة حكوماتهم لحمايتهم أولا، والتعامل مع الوضع القائم، بحالة الاعتماد على العمالة”.
المصدر/عربي21