أثار إعلان السلطات الصحية الروسية التوصل إلى دواء وُصف بأنه فعال لمواجهة فيروس كورونا جدلاً واسعاً، في خضم التنافس الدولي للفوز بسباق الوصول إلى لقاح فعال أو علاج دائم للفيروس.
وقال رئيس الصندوق الروسي للاستثمار كيريل ديمتريف، الذي دعم التجارب على الدواء ويملك حصة 50% في شركة كيمرار المصنّعة له، إن الشحنات الأولى من الدواء المضاد للفيروسات والذي يحمل اسم أفيفافير (Avifavir) وصلت لبعض المستشفيات والعيادات في أنحاء البلاد، وأظهرت فعاليته بنسبة 90%.
لكن الملاحظ أنه مع الحديث عن بدء التسوق من جانب الجهات الاستثمارية، كانت الجهات الحكومية تدعم فكرة بيع الدواء، لكن الأوساط الطبية أكدت خطورته، إذ تسبب في تشوه للأجنة حين تم تجريبه على مرضى فيروس الإيبولا، فضلاً عن عدم تجريبه بشكل كاف.
مالك صحيفة “لوموند” يعترف: تجسست على الرئيس الفرنسي
كورونا.. أعراض “جديدة تماما” في المعدة والكبد والبنكرياس
نائب مدير المركز الروسي لأمراض الرئة والأمراض المعدية، التابع لوزارة الصحة، فلاديمير تشولانوف، أكد أن السلطات الصحية في روسيا أجرت اختبار دواء “أفيفافير” (Avifavir) المحلي على 330 مصاباً بفيروس كورونا فقط، بعد أن تم تسجيله في وزارة الصحة وحصلوا على الترخيصات اللازمة له.
ولفت تشولانوف إلى أن الدواء دخل مرحلة التجارب السريرية على 188 مصاباً بفيروس كورونا، موضحاً أن “أفيفافير” الروسي هو نظير معدل لعقار “فافيبيرافير”، الياباني الذي استخدم سابقاً في معالجة أمراض الرئة، مشيراً إلى ان الخبراء الروس واليابانيين عملوا معاً على تطويره.
الجهة الممولة للدواء
في المقابل، سارع كيريل ديمتريف رئيس الصندوق الروسي للاستثمار المباشر، للحديث عن أن الصندوق هو “الهيئة الروسية الوحيدة الداعمة لأول دواء معتمد في روسيا لعلاج كوفيد-19″، وقال إن “روسيا ستبدأ علاج المصابين بالمرض به، في خطوة تأمل أن تخفف الضغط على أجهزة الرعاية الصحية وتعجّل بالعودة إلى النشاط الاقتصادي العادي”.
وأضاف أنه “بإمكان المستشفيات الروسية أن تبدأ في إعطاء الدواء المضاد للمرضى اعتباراً من 11 يونيو/حزيران، وأن الشركة المصنعة للدواء ستنتج ما يكفي منه لعلاج حوالي 60 ألف مريض شهرياً”.
أوائل الدول المستخدمة للعلاج..
ووفقاً لمصادرصحفية ، فإن “صندوق الاستثمار الروسي الذي تأسس في العام 2011 بإشراف مباشر من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يعد شريكاً أساسياً للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة عبر صناديق استثمارية برأس مالٍ قدره 10 مليارات دولار للسعودية، و2 مليار دولار لدولة الامارات”، وأكد رئيس الصندوق أن عدداً من بلدان الشرق الأوسط ستكون سوقاً أساسياً لهذا الدواء.
أكد الرجل أن هناك اتفاقاً مع السعودية لتطوير قدرات تصنيع هذا الدواء في المملكة، وبناء مركز عملاق لإنتاج الدواء وتوزيعه لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا بأكملها، مشيراً إلى أن هذا المشروع ينطوي على إمكانات كبيرة للغاية، وسيساهم في مكافحة الأوبئة بالمستقبل.
وذكرت الانباء ان الإمارات العربية المتحدة استثمرت هي الأخرى في الدواء الروسي الجديد Avifavir مبلغ مليون دولار، على أن يتم تسلُّم الدفعة الأولى فى بداية يوليو/تموز 2020، كما استثمرت الإمارات الشهر السابق في أجهزة الفحص الروسي لفيروس كورونا ، والتي أثبتت عدم فاعليتها فيما بعد.
الأطباء مصدومون.. لم يتم تجريبه ويسبب تشوهات
في المقابل، ثمة تباين كبير بين تصريحات المتخصصين بالشأن الطبي ورئيس الصندوق الروسي للاستثمار، وبدلاً من الحديث عن التجارب السريرية التي أعلنت عنها وزارة الصحة وهي -وفقاً لشبكة “نيوز رو” الإلكترونية- شرط ضروري قبل الإعلان عن النتائج أو البدء في الإنتاج التجاري للدواء، ذهبت الشركة المنتجة إلى إنتاج كميات كبيرة وضخها في السوق الروسي.
وقال المتخصصون إنه عادةً ما تستغرق التجارب السريرية في اختبار فاعلية الأدوية شهوراً عديدة، ويشارك فيها أعداد كبيرة من المرضى يقع عليهم الاختيار عشوائياً.
ولا يعدّ النجاح في التجارب الأولى على نطاق ضيق ضماناً للنجاح فيما بعد في التجارب الموسعة.
فعلى سبيل المثال ربطت دراسة نُشرت هذا الشهر، بين دواء “هيدروكسيكلوروكين” المضاد للملاريا، والذي استخدمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وروَّج له، وزيادة خطر الوفاة لدى مرضى كوفيد-19 بالمستشفيات.
وقد شككت في الدواء الجديد نائبة المدير التنفيذي لشركة BestDoctor الطبية يوليا تكاشينكا، وصرحت بأنه “لم يتم نشر نتائج البحث، ولم يتم وصف المنهجية، ولم نطلع عليه منشوراً في مجلة علمية موثوقة، فمن السابق لأوانه التحدث عن هذا الدواء ومدى فاعليته”.
عينة صغيرة جداً وسبَّب تشوهات في أجنَّة مرضى الإيبولا..
وصرحت ناتاليا تشيرنيشيفا ، في تعليقها على نتائج اختبار العقار الجديد، بأنه “من الضروري الأخذ بالاعتبار حقيقة أن العينة التي أُجريت عليها التجارب عينة صغيرة، واستخلاص النتائج على أساسها يعدّ في الواقع أمراً لا أساس له بمجال الأبحاث العلمية، ويجب علينا انتظار النتائج لعينات من آلاف الأشخاص”.
وإلى حين اتضاح مدى فاعلية الدواء على أرض الواقع، ومع بروز تباين في تقديم المعلومات بين الجهات الطبية المختصة بشكل مباشر والأوساط المالية والاستثمارية الروسية، كان لافتاً أن وسائل الإعلام الروسية ربطت التوصل إلى الدواء بالتنافس مع الغرب لتحقيق سبق في إعلان التوصل إلى لقاح.
واعرب عالِم الفيروسات أناتولي ألتشين عن صدمته قائلاً: “لا أعرف لماذا أطلِقَ على هذا الدواء أنه دواء روسي، مع العلم أنه تم تطويره في اليابان تحت اسم (فافيبيرافير)، وتم نسخه وتركيبه في بلادنا، وهل يمكن استخدامه ضد فيروس كورونا، وأضاف أن أي دواء يجب أن يمر بمرحلة الاختبارات السريرية”.
وذكر أنه من المعروف أن هذا الدواء كان يستخدم سابقاً لعلاج فيروسات مثل الإيبولا، وله تأثيرات خطيرة على الأجنة.
وأضاف ألتشين أن “الأخبار حول دواء Avifavir ما هي إلا دعاية فقط يراد منها إظهار روسيا أنها الدولة الأولى في العالم التي توصلت إلى علاج لفيروس كورونا المستجد، وكان من الأجدى أن تسعى روسيا مع منظمة الصحة العالمية والدول القائمة على اكتشاف علاج فعلي لهذا الوباء”.
قصة الدواء
الدواء يعود في الأساس إلى شركة يابانية طورت دواء “أفيفافير” في أواخر تسعينيات القرن الماضي، ثم اشترتها شركة “فوجي فيلم” عندما وسعت نشاطها ليشمل الرعاية الصحية.
وتجري اليابان حالياً تجارب على الدواء نفسه تحت اسم أفيجان، وقد أشاد به رئيس الوزراء شينزو آبي وخصصت الحكومة تمويلاً له قدره 128 مليون دولار، لكن لم يتم اعتماده للاستخدام حتى الآن.
ما المشترك بين بالأسماك المملحة وفيروس كورونا؟
أشهر 10 قراصنة إلكترونيين في العالم
وفاة رضيعة بعد إعطائها دم سلحفاة لحمايتها من فيروس كورونا
فى المقابل قال كيريل ديمترييف رئيس صندوق الاستثمار الروسي المباشر، إن علماء روساً أدخلوا تعديلات على الدواء لزيادة فاعليته، وإن موسكو ستكون على استعداد لنقل تفاصيل هذه التعديلات لأطراف أخرى في غضون أسبوعين.
وأضاف أن التجارب السريرية على الدواء شارك فيها 330 شخصاً، وكشفت عن نجاحه في علاج الفيروس في أغلب الحالات خلال الأيام الأربعة الأولى.
وبلغ عدد المصابين في روسيا 502436، لتحتل المرتبة الثالثة على مستوى العالم بعد البرازيل والولايات المتحدة، لكن معدل الوفيات منخفض نسبياً، حيث بلغ إجمالي الوفيات 6532 حالة، وهو ما أثار جدلاً.
المصدر/عربي بوست