عندما عاد الهندي سوري نثواني (81 عاماً) من المستشفى الذي كان محجوزاً به بسبب إصابته بـ«كورونا»، أمسك بيد ابنه راج، وطلب منه شيئاً واحداً: «السماح له بالموت في المنزل»، حيث قال راج نثواني: «قال لي: أرجوك عدني بشيء واحد… إذا كنت سأموت، سأموت وأنا هنا… لا تعيدني إلى هناك».
لكن، لم يكن الموت خيار مقبول لدى راج (55 عاماً)، رغم أنه كان يعلم أن فرص والده في النجاة من فيروس «كورونا» المستجد لم تكن في صالحه، حسب ما نقلته شبكة «سي إن إن» الأميركية.
كان راج، المُخرِج بإحدى شركات الإعلانات، يتابع أخبار الفيروس منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، بما فيها الخسائر التي لحقت بالأسر متعددة الأجيال، وكبار السن الذين لديهم أمراض مزمنة -مثل والده- تجعلهم أكثر عرضة للوفاة بالفيروس.
وبينما كان يساعد والده المصاب بمرض الانسداد الرئوي المزمن بعد وصوله إلى المنزل من مستشفى واتفورد العام، في ضواحي لندن، قال راج لوالده: «لن تموت… سنعتني بك هنا»، ولم يكن يعرف كيف سيكون مدى نجاحه في تحقيق ذلك.
وقال طبيب العائلة بهارات ثاكر: «لست رجل مراهنة، لكن إذا كنت سأفعل، كنت سأراهن بالتأكيد على أنه لن يستطيع تحقيق ذلك».
كان راج، الذي تعافى من نوبة قلبية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على استعداد لأسابيع الإغلاق في المملكة المتحدة، حيث دخل في عزلة ذاتية بالمنزل من تلقاء نفسه مع والدته البالغة من العمر 80 عاماً ووالده، في محاولة لحماية كل أفراد العائلة.
لكن حالة والده بدأت تتدهور في 25 مارس (آذار) الماضي، حيث عانى من صعوبة في التنفس، واشتبه راج في أنه مصاب بـ«كوفيد-19». وباستدعاء الإسعاف في اليوم التالي، اكتشفت العائلة أن رئة سوري مليئة بالسوائل.
تم نقل سوري إلى المستشفى، لكن الأطباء اتصلوا براج بعد ذلك بوقت قصير، ليخبروه أنهم على يقين بنسبة 95 في المائة أن والده مصاب بالفيروس، لكنهم يريدون عودته إلى المنزل. ويقول راج إن الأطباء أخبروه أنه إذا ساءت حالة والده، فلن يكون بمقدورهم وضعه على جهاز تنفس صناعي، في ظل مرض الانسداد الرئوي الذي يعاني منه.
ويشير راج إلى أنه أصبح أمام خيارين: أن يبقيه في المستشفى، ويخاطر بعدم رؤيته مرة أخرى، أو يعيده إلى المنزل، ويقضي كل طاقته في جعله مرتاحاً. وفي النهاية، اختار هذا الأخير.
قبل أن يعود سوري إلى منزله في واتفورد، أمضى راج اليوم في تنظيف المنزل، وعزل والدته في الطابق الأرضي، وحول غرفة نوم والديه في الطابق الأول إلى عنبر مستشفى مؤقت.
بدأ راج رحلته مع والده بالقليل من المعرفة الطبية والمشورة من المستشفى حول كيفية الرعاية الصحية، ولجأ إلى القيام بشيء يجيده، وهو جمع البيانات وتحليلها، فقام بإنشاء جدول بيانات «غوغل» للمساعدة في تتبع درجة حرارة والده، وضغط الدم، وقراءات تشبع الأكسجين، وهي عوامل حيوية يمكن قياسها في المنزل.
وللحد من مقدار الوقت الذي يقضيه راج في الغرفة مع والده، استخدم تطبيق مراقبة أطفال ثبته على جهاز آي باد تركه في الغرفة. وقد مكّن ذلك بقية العائلة من المساعدة في مراقبة الوالد، عندما يحتاج راج للراحة، كما مكنهم من الوصول إلى سوري مما يساعد على تخفيف حدة وحدته في العزل.
لجأ راج أيضاً إلى طبيب العائلة للحصول على المشورة، فنصحه في حالة ساء تنفس الوالد باستخدام جهاز ضغط الهواء الذي كان موجوداً بالفعل بسبب مرض سوري بالانسداد الرئوي المزمن.
بعد 3 أيام من خروجه من المستشفى، كان سوري يهذي ويكافح من أجل الطعام، وأخبر راج أنه يؤمن بقرب موته. أعتقد راج أن هذا يرجع إلى أن دماغه كانت تعاني من نقص الأكسجين، ونصحه طبيب العائلة بمضاد حيوي، وضرورة مساعدة سوري على الاستلقاء على بطنه لعدة ساعات في اليوم، وهي ممارسة تساعد في زيادة كمية الأكسجين التي تدخل الرئة.
تحت عين ابنه الساهرة، بدأ سوري بالتعافي تدريجياً. يقول راج: «علمت أنه في طريقه للتعافي عندما أصبح قوياً بما يكفي لإزعاجي… بدأ يتذمر، وقال إن الشاي الذي أصنعه سيئ، ثم طلب بعض البيتزا ورقائق البطاطس».
وفي نهاية المطاف، تعافى سوري تماماً. وفي الأسبوع الماضي، كان قادراً على السير بطول حديقة المنزل، مستعيناً بجهاز يساعده على المشي.
ويقول طبيب العائلة بهارات ثاكر إنه لا يستطيع وضع إصبعه على ما نجح فيه راج وسوري بالضبط، موضحاً: «لا نعلم أكانت الأسرة التي ترعاه أو البيانات الحيوية المتاحة هي التي أحدثت الفارق… ربما كان ذلك مجرد حظ، ولم يحن وقت وفاته».
المصدر/الشرق الأوسط أونلاين