يخشى سائقو الحافلات على سلامتهم وبدأوا يطالبون أرباب عملهم بتنظيف المركبات القذرة إثر وفاة 14 عامل مواصلات بفيروس كورونا في لندن وحدها، إلى جانب تسجيل وفيات أخرى في برمنغهام وبريستول.
في هذا السياق، أعلنت هيئة النقل في لندن الأربعاء الفائت أنها بصدد اختبار نظام جديد يلحظ صعود الركاب على متن الحافلات من الأبواب الموجودة في وسط الحافلة، لتقليل الاحتكاك مع السائقين.
لكن اتحاد “يونايت” العمالي أشار إلى أنه لا وقت لاختبار النظام الجديد في صعود الحافلات، بل يتوجب البدء بتنفيذه فوراً في أنحاء لندن بعد وفاة تسعة سائقين وخمسة عمال في هيئة النقل في العاصمة.
وتزامن ذلك مع إطلاق أم مفجوعة نداءً الأربعاء الماضي طلبت فيه منح عمال النقل معدات واقية بعدما فارق ابنها إيميكا نياك إيهناشو، 36 سنة، الحياة بسبب إصابته بفيروس كورونا.
وصرّح السائقون بأنّهم يخشون التقاط العدوى لعدم امتلاكهم معدات الوقاية الشخصية، إضافةً إلى عدم تنظيف الحافلات بشكلٍ مناسب.
ذكرت جوان هاريس التي تعمل سائقة حافلات في لندن منذ 12 عاماً، أن “سائقي الحافلات مرتعبون في الوقت الراهن… إنّهم كذلك فعلاً. بدأ السائقون بسماع أخبار عن وفاة أشخاص… لقد فقدنا صديقاً يبلغ 32 سنة أثناء ممارسته عمله. لقد توفي في الأيام القليلة الماضية. اعتدنا الجلوس وتناول الطعام معاً في الكافيتيريا. كنّا زملاء مقرّبين ونتبادل الحديث دائماً. من الصعب جداً فقدان هؤلاء الأشخاص. إنّه أمر في غاية الصعوبة”.
وتعرف هاريس ثلاثة أشخاص آخرين لا يعملون كسائقين وتوفوا جراء إصابتهم بالفيروس. “عندما ترى أربعة أشخاصٍ أنت على معرفة بهم يفارقون الحياة في آنٍ معاً، تدرك خطورة الوضع”، بحسب كلماتها.
وتعتبر هاريس أن هيئة النقل في لندن وشركات الحافلات التي تدير شبكة المواصلات، لم تبدأ فعلياً بتطبيق الصعود من الأبواب الخلفية لأنّ ذلك سيخفض العائدات، مضيفةً “يتعلق كل ذلك بكسب المال. إذا أغلقت الباب الأمامي، سيصعد الركاب مجاناً من الباب الخلفي، ولكن يُفترض بنا نقل العمال الأساسيين في الحالات كلها”.
في غضون ذلك، يدعو اتحاد “يونايت” إلى إقفال الأبواب الأمامية كافة على متن حافلات لندن بشكل فوري واتّخاذ تدابير بديلة لتحصيل ثمن التذاكر.
وفي ما يتعلّق بالحافلات خارج لندن، يطالب الاتحاد بتزويد كل الحافلات بحاجز كامل يفصل بين السائق والركاب، وبوقف اعتماد الدفع نقداً. وكذلك دعا إلى خفض العدد الأقصى للركاب.
في سياق متصل، ذكر بيت كافاناغ، الأمين العام الإقليمي لاتحاد “يونايت”، أن “فيروس كورونا يشكّل تهديداً صريحاً ومحدقاً بشكل مأساوي، وفقد عددٌ من عمال الحافلات أرواحهم بسببه. يتوجب على هيئة النقل في لندن أن تبدأ فوراً بتنفيذ نظام إقفال الباب الأمامي في الحافلات كلها. يمكن نقل أجهزة قراءة البطاقات إلى الأبواب المركزية [في وسط الحافلة]، لكنّ الأولوية اليوم يجب أن تُعطى للسلامة وليس للإيرادات. يُعتبر سائقو الحافلات عمالاً أساسيين وتجب معاملتهم على هذا الأساس وليس كمواطنين من الدرجة الثانية”.
في ذلك الصدد، وجهت آن نياك، والدة الشاب إيميكا نياك إيهناشو، انتقادها إلى محافظ العاصمة لندن صادق خان بسبب النقص في معدات الوقاية الشخصية.
وأثناء ظهورها في برنامج “غود مورنينغ بريتن” (= “صباح الخير بريطانيا”)، أشارت إلى أنه “يتوجب على محافظ لندن الخروج وتفقّد الحافلات والظروف التي يعمل السائقون فيها. إنّهم عرضة للخطر… كان ابني معرّضاً للخطر وقد فارق الحياة للأسف.” وأضافت أن ابنها أخبر صديقته وشقيقته عن “الأوضاع القذرة على متن الحافلات”.
وطلبت نياك من خان تزويد عمال النقل بحماية أفضل، ودعته إلى زيارة عائلات السائقين الذين فارقوا الحياة. وأوضحت أنّ ابنها “حصل على معقم اليدين فقط، من دون كمامة أو قفازين، لا شيء. إضافةً إلى ذلك، كان يعاني من الربو ما يجعله معرّضاً لالتقاط العدوى. أنا لا أريد رسالة أو اتصالاً هاتفياً، أريد منه (صادق خان) أن يرى الوجوه الحقيقية لهذه المأساة، وهذه الوجوه هي أنا وعائلات كل سائقي الحافلات الذين فقدوا حياتهم”. وفي استذكارٍ عاطفي طغت عليه الدموع، وصفت نياك ابنها “بالرجل المحب الذي يتمتّع بقلب من ذهب. كان يساعد الجميع. وكان يضحك ويمازح دائماً، وكان يطلق اسماً مستعاراً على كل واحد منّا”.
المصدر/ “إندبندنت”