أظهرت بيانات نشرتها صحيفة واشنطن بوست الأميركية وفاة 759 شخصا تحت سن الخمسين جراء الإصابة بفيروس كورونا في الولايات المتحدة، حتى الآن، فيما قال خبراء للصحيفة إنه “في الوقت الذي يكون فيه الفيروس أكثر تهديدا للمسنين، لكن لا حصانة لأحد”.
وقالت الصحيفة إن “تسعة شبان تحت عمر العشرين توفوا حتى الآن بالفيروس”، فيما توفي أكثر من 45 شخصا في العشرينات من العمر”، و190 حالة وفاة بين الأشخاص في الثلاثينات من العمر، ومالا يقل عن 413 حالة وفاة بين الأشخاص في الأربعينات من أعمارهم”.
وتشير الصحيفة إلى أن “الخطر يبدو وكأنه يزداد مع كل عقد من الزمن” عمريا، مضيفة القول “ربما يكون العدد الحقيقي للوفيات بين الشباب أعلى من ذلك، إذ لا توفر جميع الولايات بيانات عن وفيات الفيروس مفروزة حسب الفئة العمرية”.
كما أن النسبة تختلف بحسب الولايات، ففيما توفي 0.8 بالمائة من المصابين تحت عمر 50 سنة بالفيروس في ماساشوستس، كانت النسبة 8 بالمائة في لويزيانا و 9 بالمائة في إلينوي.
وقد جاء أكبر عدد من هذه الوفيات، إلى حد بعيد في نيويورك، التي شهدت أكبر تفش للفيروس في البلاد.، وحتى يوم الأربعاء توفي ستة من سكان نيويورك تقل أعمارهم عن 20 عاما و33 شخصا فى العشرينات من العمر و118 في الثلاثينات و265 في الأربعينات من العمر.
وفي ولاية كولورادو نقل 247 مصابا بالفيروس دون سن 50 عامًا إلى المستشفيات بعد أن ساءت حالتهم، ومن بين هؤلاء المرضى، توفي تسعة.
ومن بين كل الأشخاص الذين دخلوا المستشفيات بسبب سوء الحالة الصحية جراء الإصابة بفيروس كورونا، كان ربعهم تقريبا من الأشخاص بعمر يقل عن 50 عاما. لكن البيانات التي أخذت عن عينة منهم تبين أن الكثير من هؤلاء الشباب كان مصابا بالسكري أو الربو أو ارتفاع ضغط الدم.
وفي نيويورك، كان نحو ثلثي “الشباب” من المتوفين، تحت عمر 50 عاما من المصابين بالفيروس، يعانون من عوارض صحية أخرى، لكن ثلثهم المتبقي كان بصحة جيدة.
ونقلت واشنطن بوست عن مدير وحدة الإنعاش في مستشفى ميموريال لاجولا شون إيفانز، إن “ما يقرب من نصف المرضى فى وحدة العناية المركزة التى يعمل فيها هم بأعمار تقل عن 50 عاما”، مؤكدا أن “هذا لا يشبه ما توقعناه استنادا إلى البيانات الواردة من الدول الاخرى”.
وقال إيفانز أن “الغالبية العظمى من الشباب الذين يصابون بالمرض يتمتعون بصحة جيدة ويتعافون ولكن بالنسبة للأقلية، يبدو أن المرض يسبب تغييرًا فريدًا في خلايا الهيموغلوبين الحاملة للأكسجين في الدم”.
وقال إيفانز، الذي شبه بعض الأعراض لدى الشباب بالتعرض لثاني أكسيد الكربون لفترة طويلة، “يمكن للشباب الذين يتمتعون باللياقة البدنية أن يتحملوا الأعراض لفترة أطول، ولكن على حساب قلوبهم ووظائفهم الرئوية”.
في بعض الحالات قال إيفانز إن نقص الأكسجين يجعل الجانب الأيمن من القلب يعمل بجهد إضافي، ما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم الرئوي، مضيفا “الرئتان تضيقان ولا يمكن للدم التدفق إليهما”.
ويشتبه جان لوران كازانوفا، وهو محقق في معهد هوارد هيوز الطبي وطبيب في مستشفى جامعة روكفلر، في أن التعرض للفيروس بين بعض الشباب قد يكون مشفرا جزئيا في حمضهم النووي.
لأكثر من عقدين من الزمان، درس كازانوفا “أخطاء المناعة الجنينية”، أو الحالات الوراثية التي تجعل الناس عرضة لأمراض معينة حيث يمكن أن تعيق هذه الحالات — التي غالبًا ما تحدث بسبب طفرة واحدة في جين واحد — استجابة الجهاز المناعي لفيروس معين أو بكتيريا معينة، ما يفسر سبب مرض مجموعة من الشباب الذين يبدو أنهم أصحاء للغاية.
في عام 2015، اكتشف مختبره أن طفلًا صغيرًا يعاني من حالة إنفلونزا تهدد حياته، لديه طفرة في الجين الذي يرمز لنوع معين من البروتين المناعي الذي يحذر الخلايا من الهجوم. عندما قام الباحثون بهندسة الفئران وراثياً للحصول على نفس الطفرة، وجدوا أن الفئران كانت أكثر عرضة للفيروس.
والآن، يقوم كازانوفا بجمع المواد الوراثية من الشباب في أكثر من 100 بلد أصيبوا بمرض شديد بسبب الفيروس التاجي.
وقال إن الأمراض الناجمة عن أخطاء المناعة الجنينية تساعد على فهم سلوك الفيروس ويمكن أن توفر في كثير من الأحيان أدلة في البحث عن علاج.
على سبيل المثال، وجد كازانوفا أن الناس أكثر عرضة للسل عندما يكون لديهم زوج من الطفرات التي تسبب مستويات منخفضة من إنترفيرون غاما، وهو بروتين يحارب جنس البكتيريا التي تسبب السل.
وقال إنه لحسن الحظ، فإن انترفيرون جاما متاح كدواء منذ أكثر من 30 عاما ما يجعله علاجا محتملا واعدا للمرض.
وحتى الآن أصيب أكثر من 429 ألف شخص في الولايات المتحدة بالمرض، وتوفي أكثر من 14 ألف شخص.
وتجاوز عدد الإصابات عالميا حاجز 1.5 مليون إصابة، وأكثر من 88 ألف وفاة جراء الإصابة بالفيروس.
المصدر/ الحرة