بعد قرابة 3 أشهر من ظهور فيروس كورونا، بدأت تتشكل توقعات المؤسسات الدولية والخبراء حول تداعيات انتشار هذا الفيروس على الاقتصاد العالمي، حيث تحدث صندوق النقد الدولي عن أسوأ حالة ركود قد يدخلها الاقتصاد العالمى بسبب وباء كورونا، وأن المرحلة الحالية قد تكون أكثر خطورة من فترة الكساد العظيم التي حدثت في 1929. وعلى صعيد الدول خفظت معظم المؤسسات الدولية والمحلية توقعاتها بشأن النمو الاقتصادي للفترات القادمة.
وعليه في “إسرائيل” توقعت وزارة المالية دخول الاقتصاد “الإسرائيلي” في مرحلة ركود مع نهاية العام 2020 من خلال تحقيق نمو سالب بنسبة 2 في المائة (حسب تصريحات ليف دراكر، كبير خبراء وزارة المالية “الإسرائيلية”). والذي إن حدث سيكون الأسواء منذ نشأة هذا الكيان كما خفضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني توقعاتها بشأن النمو الاقتصادي في “إسرائيل” من 3.5 لتصل 0.7 في المائة وهو الأدنى منذ العام 2002. وتشير التوقعات ارتفاع معدلات البطالة لمستوى قياسي في الفترة القادمة، حيث ارتفعت لتصل 22 في المائة مع نهاية مارس 2020، بالإضافة إلى توقعات بارتفاع عجز الموازنة من 3.7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للعام 2019، ليصل 7 في المائة مع نهاية 2020. وبالمجمل توقعت وزارة المالية “الإسرائيلية” إن تكلفة فيروس كورونا على الاقتصاد “الإسرائيلي” سوف تفوق 17 مليار دولار.
أين تكمن المشكلة؟
استمرار انتشار الفيروس، يعنى استمرار توقف حركة التوريد والتجارة وتوقف النقل الجوي، وانخفاض الطلب العالمي، وبالتالي تأثر كبير لقطاع التصنيع والتصدير وعجز أكبر في الميزان التجاري لإسرائيل
الاقتصاد “الإسرائيلي” وبالرغم من التطور الصناعي والتكنولوجي، والقوة العسكرية “لإسرائيل” إلا أن الاقتصاد “الإسرائيلي” يستند في تحقيق تقدمه واستقرار على مجموعة من المؤشرات الأساسية أهمها الدعم الأمريكي والأوروبي، والاستقرار الأمني والسياسي، واستقرار المؤشرات الاقتصادية في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بصفتها الدعم الرئيسي لإسرائيل. في خلال العقدين ارتبط استقرار مؤشرات الاقتصاد “الإسرائيلي” بهذه العوامل.
ولا شك أن عدم استقرار المؤشرات الاستثمارية في السوق الإسرائيلي ينعكس سلبًا على معظم القطاعات الاقتصادية لديها، ويشكل عبئًا إضافيا على سياسات الحكومة وقدراتها على تحقيق أهدافها، خصوصًا في ظل ما توفره تلك الاستثمارات من مصدر رئيس للتدفقات النقدية الواردة من العملات الأجنبية (تقلل عجز الحساب الجاري)، ومساهمتها في تعزيز إدارة متغيرات الاقتصاد الكلي، فضلًا عن خلقها فرص عمل وتقليلها لمعدلات البطالة، وتعزيز حركة الصادرات كون أن معظم الشركات الأجنبية العاملة في إسرائيل تعيد تصدير منتاجاتها للسوق الخارجي.
فعلى سبيل المثال، معظم الاستثمارات الأجنبية الواردة “لإسرائيل” هي من الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، وعليه في ظل الأزمة المالية التي تعاني منها أمريكا والدول الأوروبية، فإن الانخفاض في الاستثمارات الأجنبية الواردة والتى تعتبر مصدر رئيسي للعملات الأجنبية سيكون حتمى خلال الفترة القادمة، كما أن استمرار حالة عدم السيطرة على هذا الوباء، وما نتج عنه من تعطل في أهم القطاعات التى يستند عليها الاقتصاد “الإسرائيلي” وهي قطاع الخدمات بما فيه من سياحة، وخدمات مالية، ولوجستية وغيرها.
ويعتبر قطاع الخدمات الأضخم في حجم الاقتصاد الإسرائيلي، فوفقًا لبيانات البنك الدولي يساهم قطاع الخدمات بـ 66.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ويوظف حوالي 77 في المائة من إجمالي القوة العاملة. كما بلغت مساهمة القطاع الصناعي 31.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، ويعمل 20 في المائة من القوة العاملة في هذا القطاع كما يمثل القطاع الصناعي ثلاثة أرباع صادرات إسرائيل، وتجتذب الصناعات أكثر من ثلث الاستثمارات في البلاد.
وعليه استمرار انتشار الفيروس، يعنى استمرار توقف حركة التوريد والتجارة وتوقف النقل الجوي، وانخفاض الطلب العالمي، وبالتالي تأثر كبير لقطاع التصنيع والتصدير وعجز أكبر في الميزان التجاري لإسرائيل، وعلى صعيد الصادرات تعتمد إسرائيل بنسبة تقارب الـ 40 في المائة اجمالي صادراتها على الالماس والالكترونيات، وفي ظل الأزمة المالية، لن يكون هناك طلب كبير على هذه السلع، خاصة في ظل الخسائر الذي تكبدها الاقتصاد العالمي، وعليه تفاقم أزمات الاقتصاد “الإسرائيلي” في الفترة القادمة.
وعليه فإن المخرج الأساسي لهذه المشاكل مرتبط بصورة كبيرة بإعادة استقرار ونمو الاقتصاد الأمريكي والأوروبي، فالحكومة “الإسرائيلية” تعول على عودة نمو الاقتصاد العالمي والتعافي السريع الاقتصاد الأمريكي والأوروبي خلال العام الحالي، حتى يتمكن الاقتصاد “الإسرائيلي” من استرداد عافيته.
المصدر/ الجزيرة