موقف الإعلام العبري تجاه “صفقة القرن” تنازعه تياران، فهناك المبتهج المندهش من الصفقة، وهذا تيار يمثّله أقصى اليمين. مقابله تيار أوسع أكثر عقلانية، يعتبر أن ما جرى لن يؤمّن الهدوء لدولة الاحتلال.
وشدد التيار الثاني على أن ما جرى سيوتّر العلاقة مع الأردن، وسيدفع الفصائل الفلسطينية باتجاه الوحدة. وقد بدت بعض تعليقات كبار الكتاب اليهود مستغربة من ترحيب وزير خارجية الإمارات تحديداً بصفقة القرن.
ونقلت صحيفة “هآرتس” عن قيادة أجهزة أمن الاحتلال تقديراتها بأن الملك عبد الله الثاني يواجه ضغوطات داخلية في ظل تراجع الأوضاع الاقتصادية في المملكة، ومعارضة الإخوان المسلمين وأطراف أخرى في عمّان للعلاقات الأمنية الوثيقة مع إسرائيل، وأن ضم غور الأردن سيوتّر العلاقة بينهما.
واعتبر معظم الكتاب الإسرائيليين أن ما جرى “لن يكون سلاماً”. واللافت أنهم ينتمون إلى صحف واتجاهات مختلفة.
ورأى المحلل السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، ناحوم برنياع، أن “حل الدولتين، الذي سيطر على الخطاب الدولي منذ العام 1993، يفقد بهذه الخطة ما تبقى من صلته بالواقع. وستسيطر دولة واحدة بين النهر والبحر، بفضل أميركا، وهذه ليست خطة سلام، بل خطة ضم”.
فيما كان الوزير الإسرائيلي السابق يوسي بيلين أكثر وضوحاً بقوله “صفقة القرن صيغت لكي يرفضها الفلسطينيون مما يمكن نتنياهو من تبرير ضم غور الأردن والمستوطنات لإسرائيل”.
وجاء اندهاش المعلق نداف شرغاي في “يسرائيل هيوم” العبرية، بقوله “في أكثر أحلامهم وردية لم يتوقع قادة المستوطنين في الضفة الغربية أن توافق الولايات المتحدة على ضم كل المستوطنات كما ورد في صفقة القرن”.
رئيس حكومة الاحتلال السابق إيهود أولمرت عبّر عن خشيته على أمن “إسرائيل”. وحذّر من أن “خطة ترمب صيغت لتمكيننا من ضم غور الأردن والمستوطنات، ولن تقود للسلام”.
وقال: “أخشى أن تنتهي الزفة التي كانت في واشنطن ببكاء كبير، وأخشى أن نكون نحن الباكين بسبب تبعات مقاومة الفلسطينيين لها”.
وأضاف: “ما طرحه ترامب في خطته لا يمكن أن يكون أساس للتفاوض بين إسرائيل والفلسطينيين، بل مجرد إنجاز علاقات عامة سجله نتنياهو”.
أما عراد نير، معلق الشؤون الدولية في قناة 12 العبرية، فقال إن “ما طرحه ترمب في خطته إهانة للشعب الفلسطيني وتبنٍ مطلق لمواقف اليمين الإسرائيلي، والتجربة قد دللت أن محاولة إذلال الشعوب المحتلة لا تسهم في حل الصراع بل في تأجيجه”.
ولم تخف الصحافة الإسرائيلية خشيتها من أن تقود “صفقة القرن” إلى التقارب بين عباس وحركة “حماس”. فكتب المعلق عوديد غرانوت “يسرائيل هيوم”: “لقد اكتشف محمود عباس في النهاية أن العالم والنظم العربية قد تخلوا عنه ولم يبق إلى جانبه في مواجهة صفقة القرن إلا حركة حماس”.
أما المعلق ميرون ريبوبورت فقال في موقع “سيحا مكوميت” “رغم احتفال ترمب ونتنياهو بالصفقة فإن الفلسطينيين هم من سيقولون الكلمة الأخيرة.
القائد السابق لقوات الاحتلال في غزة شؤول هرئيل، شدد على أن “صفقة ترمب تمثل المرحلة الأخيرة من استراتيجية الحركة الصهيونية للاستيلاء على فلسطين بدعم دولي وهذه الخطة تضمن فقط تأبيد الصراع”.
أما الكاتبة رويت هيخت فعلّقت بالقول “كل ما هدفت له صفقة ترمب هو إذلال الفلسطينيين ومنح الإسرائيليين الشعور بأنهم بقيادة نتنياهو نجحوا في إلحاق الهزيمة بالحركة الوطنية الفلسطينية، لكن هذا شعور مضلل”.
المصدر/ قدس برس