الخطاب الذي ألقاه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، في المركز الأكاديمي المتعدد المجالات في هرتسيليا، أمس الأربعاء، دب الخوف في قلوب قسم من الإسرائيليين على ما يبدو. فقد قال إنه في الحرب القادمة ستُطلق على المدن الإسرائيلية 1500 صاروخ وقذيفة صاروخية يوميا، وألمح إلى أن مواجهة، أو بلغة صريحة حرب مباشرة، مع إيران ربما ستنشب في العام المقبل. وأضاف أن هذا سيقابل باستهداف إسرائيل للمدن والبنى التحتية بكافة أشكالها في لبنان وسورية وقطاع غزة وفي العراق أيضا.
ووفقا للمراسل العسكري لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، يوسي يهوشواع، اليوم الخميس، فإن كوخافي “تردد ما إذا كان من الصواب أن يغير السياسة الإعلامية وخاصة تجاه الجمهور الإسرائيلي حول نتائج الحرب القادمة في لبنان. والمعضلات واضحة جدا، فإذا تحدثت عن 1500 قذيفة صاروخية تُطلق يوميا من الشمال، فإنك تُقوي العدو وتزيد الهلع لدى الجمهور في إسرائيل. ومن الجهة الأخرى، يدرك رئيس أركان الجيش أنه ملزم بتنسيق توقعات وبسرعة مع المجتمع، الذي اعتاد على جولات قتالية ضد حماس فيما القبة الحديدية توفر حماية غير مألوفة أمام حوالي 90% من القذائف الصاروخية”.
وأضاف يهوشواع أن كوخافي قرر، أمس، “تغيير سياسة تنسيق التوقعات أمام المواطنين، وهذه العملية المتجددة يستوجبها الواقع”. وتحدث كوخافي عن شن هجمات أخرى ضد “منظومة الصواريخ الدقيقة في الشمال”، وقال إنه “ستكون هناك حالات تخاطر إسرائيل حتى عتبة مواجهة أو حتى مواجهة من أجل إحباط الصواريخ الدقيقة مسبقا”.
لكن يهوشواع أشار إلى أنه “لم يكن بإمكان كوخافي التوسع في الحديث عن مشكل الجهوزية، وكذلك وسائل الإعلام لاعتبارات الرقابة العسكرية”.
وهذه الجهوزية لا تعني التدريبات العسكرية، وإنما تعني بالأساس زيادة ميزانية الأمن. وكتب يهوشواع أنه “يجدر الإنصات إلى رئيس أركان الجيش حول زيادة الميزانية المطلوبة في الأمد الآني لمجال الدفاع الجوي والذخيرة لسلاح الجو. وقال كوخافي إنه ’عليكم أن تعرفوا الواقع: الرؤوس الحربية وأمدية الصواريخ ازدادت. وقوة النيران على الجبهة الداخلية في الحرب القادمة ستكون أكبر. وهم يخططون لإطلاق الصواريخ على المناطق المأهولة. وينبغي معرفة ذلك والاستعداد له. في السلطة المحلية ونفسيا أيضا”.
وحسب يهوشواع، فإن “كوخافي يعلم أن الحرب القادمة في لبنان لن تكون قصيرة مثلما قدروا قبله، وهكذا هي التوقعات بشأن المصابين. ’لن تكون حربا من دون مصابين ولا أضمن حربا قصيرة”. وبعد أن تحدث عن حزب الله ومحاولات تحسين دقة صواريخه ومحاول إسرائيل مواجهة ذلك، تطرق كوخافي إلى العراق لأول مرة، وقال إن “أسلحة متطورة تنقل إلى العراق بشكل حرّ، ولا يمكننا أن نمر على ذلك من دون مواجهته”.
خطوات بتكلفة عشرات مليارات الشواقل
شدد المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، أيضا، على أن “خلاصة أقوال كوخافي ليست متفائلة… وبدت أقواله حتمية في التقديرات أن الاحتكاك العسكري بين إسرائيل يتوقع أن يزداد العام القبل، وفي ظروف متطرفة يمكن أن يتدهور إلى حرب”.
ولفت هرئيل إلى أقوال كوخافي إن “الجيش الإسرائيلي رادع بحد ذاته، ولكن لأن إسرائيل ايضا تبث استعدادا لتفعيله. والغاية المركزية للجيش تحت قيادة كوخافي ستكون تطوير قدراته من أجل تحقيق نصر أكبر، وخلال فترة أقصر”.
بدوره أشار المحلل العسكري في موقع “واللا” الإلكتروني، أمير بوحبوط، إلى أنه “ليس صدفة أن كوخافي شرح من إثارة هلع، أنه في الحرب القادمة ستكون خسائر بشرية كثيرة في الجبهة الداخلية. وعلى ما يبدو، أن الاستخبارات الإسرائيلية لا تنجح في كشف كافة عمليات تهريب الأسلحة، وتلك التي يتم كشفها، لا ينجح سلاح الجو (الإسرائيلي) بمهاجمتها دائما. ولذلك فإن التواضع مطلوب، على عكس تهديدات السياسيين الذين لا يساعدون في الردع وإنما يزرعونن الخوف لدى المواطنين”.
وفيما يتعلق بـ”تنسيق التوقعات” مع الجمهور الإسرائيلي، وأن إسرائيل ستتعرض في حرب قادمة لكميات كبيرة من الصواريخ وبشكل يومي، كتب هرئيل إن “هذا انفتاح جدير بالتقدير، لكن يرافقه هدف ثانوي: تمهيد الأرضية لمعارك الميزانية، المتوقعة إذا تشكلتن أخيرا، حكومة هنا بعد الانتخابات في آذار/مارس”.
وأضاف هرئيل أن “الخطوات التي يريد كوخافي دفعها قدما ستكلف عشرات مليارات الشواقل. ولذلك هو بحاجة إلى زيادة كبيرة في الميزانية. ورغم أن (رئيس الحكومة بنيامين) نتنياهو يرسل وعودا ضبابية لتحسين ميزانية الأمن، لكن وزارة المالية تعارض بشدة كما هو متوقع، ولا أحد بإمكانه القول ما إذا كان نتنياهو سيبقى أصلا في منصبه بعد الانتخابات، على فرض أنه يعتزم تنفيذ تعهداته للجيش.
المصدر/ وكالات