الشاي الأخضر معروف منذ قرون طويلة بفوائده الكبيرة المعززة لصحة الإنسان، لكن دراسة جديدة اكتشفت أنه يتمتع بقدرة تعجز عنها أقوى المضادات الحيوية، لاسيما قدرته على منع نمو البكتيريا الخطيرة التي تُصيب المرضى في المستشفيات.
لا يجذب الشاي الأخضر الكثير من الأشخاص بطعمه الجيد فقط، وإنما يجذبهم أيضا بسبب فوائده الصحية الجمة، فهو يمنحنا شعوراً بالراحة والاسترخاء، ويخفض من ضغط الدم ويحفز عملية الأيض والدورة الدموية ويدعم الجهاز المناعي. كما أن هناك دراسات تقول إنه يساعد في تخفيف الوزن وتخليص الجسم من السموم ويحفز عملية الهضم ويقلل من مستوى الكوليسترول في الدم.
في دول شرق آسيا يُعتبر الشاي الأخضر كعلاج خارق منذ قرون طويلة، إذ يساعد في الوقاية من الكثير من الأمراض والشفاء منها. ومنذ أكثر من 5000 عام تُعد الكاميليا الصينية من الأعشاب العلاجية وتُستخدم أوراقها في هذا النوع من الشاي.
وإضافة إلى هذه الفوائد، فقد توصلت دراسة ألمانية جديدة إلى أن الشاي الأخضر يمكن أن يساعد في مكافحة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية. إذ كشف علماء من المركز الألماني لأبحاث العدوى التابع للمستشفى التعليمي في جامعة كولونيا بالاشتراك مع باحثين من جامعة سري البريطانية عن وجود مضادات طبيعية للأكسدة في الشاي الأخضر، قادرة على شلّ قدرة بكتيريا “الزائفة الزنجارية” المقاومة للمضادات الحيوية المتعددة. ونشر الباحثون دراستهم في “مجلة علم الأحياء الدقيقة الطبية”.
تأثير سام
ويسمى المركب الموجود في الشاي الأخضر Epigallocatechin gallate المضاد للأكسدة – ومختصره EGCG- ويمكنه إعادة تنشيط المضاد الحيوي أزتريونام المستخدم في مكافحة عدوى “الزائفة الزنجارية” المنتشرة في المستشفيات، وكذلك الزيادة من مفعوله.
ويمكن أن تتسبب بكتيريا “الزائفة الزنجارية” بالتهابات رئوية شديّدة أو تسمم الدم، وعادة ما تُعالج بمضاد أزتريونام، حين تفشل بقية المضادات الحيوية في معالجة هذه الالتهابات. لكن مقاومة البكتيريا لهذا المضاد تجعل المعالجة من هذه الإصابة البكتيرية صعبة للغاية.
في هذا السياق يقول البروفيسور هارالد زايفرت من مركز أبحاث العدوى التابع لجامعة كولونيا: “لقد استطعنا أن نبيّن أن مضاد أزتريونام منع انتشار البكتيريا بشكل أكبر من خلال وضع مركب EGCG في المستنبت”. لذلك يمكن أن تعيد المادة الموجودة في الشاي حساسية البكتيريا للمضادات الحيوية. تم تأكيد هذا التأثير التآزري في جسم الإنسان أيضاً. ولهذا الغرض عولجت يرقات عثة الشمع بالمضادات الحيوية، مرة مع مركب EGCG وأخرى بدونها.
كانت التأثير السمّي لمادة EGCG منخفضاً في التجارب على خلايا جلدية وعلى اليرقات على حد سواء، الأمر الذي من شأنه أن يكون حاسماً في فتح آفاق جديدة مستقبلاً في معالجة البكتيريا المقاومة للمضادات. لكن لم يتوصل الباحثون بعد إلى آلية التأثير، بيد أنهم يعتزمون وضع الخطط الكفيلة بتطوير هذه المادة البديلة في الدراسات الطبية.
الحمايةضدأمراض القلب والأوعيةالدموية
في عام 2018 وجد باحثون من جامعتي لانكستر وليدز أن مركب epigallocatechin-3-gallate الموجود في الشاي الأخضر يمكن أن يحمي من تصلب الشرايين. وتصلب الشرايين هو السبب الرئيسي للنوبات القلبية والسكتات الدماغية. وفي تصلب الشرايين تتشكل الرواسب في الأوعية التي تقيد تدفق الدم وتزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
ويمكن لمادة EGCG أن تعمل بمساعدة عقار الهيبارين على تحطيم بروتين موجود على الرواسب ويمنع مرور الدم في الأوعية بالشكل المطلوب. خليط الهيبارين ومركب الـ EGCG يمكنه تخليص الأوعية الدموية من الترسبات الدهنية الخطيرة. وعلى أساس هذه النتائج بدأ باحثون بريطانيون في تطوير علاجات جديدة لأمراض القلب والأوعية الدموية.
وماذا عن الزهايمر؟
اكتشف المختص بعلم الأحياء الجزيئي إريش فاكنر في عام 2017 أن مركب EGCG الموجود في الشاي الأخضر يمكن أن يُظهر تأثيراً في علاج مرض الزهايمر أيضاً. في المختبر حقن فانكر مركب EGCG في خلايا حيوانية حية، فلاحظ ذوبان البروتينات في الخلايا.
إذا كان مرض الزهايمر ناتجاً بالفعل عن حقيقة أن البروتينات الموجودة في الخلايا العصبية للدماغ تتجمع معاً وبالتالي تدمر الخلية، فقد يكون حل حزم البروتين بمثابة نقطة انطلاق واعدة لعلاج مرض الزهايمر. ولكن هذا يجب أن يحصل بوصول مركب EGCG إلى الدماغ مباشرة. حتى الآن نجحت التجربة فقط في ظل ظروف المختبر تحت المجهر، لكنها توحي بمستقبل واعد.
المصدر /وكالات