يشكل تسرب نواة الأرض لغزا محيرا للعلماء، تماما مثل العواقب المحتملة للنواة نفسها وقدرتها على إنتاج المجال المغناطيسي، الذي يحمي كوكبنا من جزيئات الفضاء الضارة ويجعله صالحا للعيش.
وتعد دراسة نواة الأرض أمرا صعبا للغاية، جزئيا، لأنها على بعد 2900 كلم، ما يجعل من المستحيل أخذ عينات منها وتحليلها.
ومع ذلك، توصل فريق بحث إلى طريقة للحصول على معلومات حول جوهر الأرض، والتي نشروا تفاصيلها مؤخرا في ورقة بحثية في موقع Geochemical Perspective Letters.
ونشرت مجموعة من الباحثين مؤخرا ورقة كشفت أن اللب الخارجي للسائل المسخن في الأرض يتسرب إلى الطبقة العليا من كوكبنا، المعروفة باسم “الوشاح”، على مدار مليوني عام ماضية.
واكتشفوا أن الجبال والصخور الأحدث التي تشكلت على سطح الأرض تضم مزيجا من نظيريْ التنغستن وهما 182W و184W، واللذين يوجدان عادة في قلب الكوكب الخارجي.
ويشار إلى التنغستن بالرمز الكيميائي W، حيث يحتوي العنصر الأساسي على 74 بروتون، ويوجد لدى العنصر الواحد نظائر عديدة، بما في ذلك 182W (مع 108 نيوترون) و184W (مع 110 نيوترون).
وأثارت هذه الحقيقة الباحثين، حيث أن الحمم التي تثور من البراكين والتي تشكل جبالا جديدة تأتي مباشرة من وشاح الكوكب، وهي طبقة تقع فوق نواة الأرض.
وتشير حقيقة وجود مثل هذا المزيج من النظائر في الصخور التي تشكلت بثورات حديثة نسبيا إلى أن محتويات سائل اللب الخارجي البالغة 5000 درجة مئوية بدأت تتسرب إلى الوشاح قبل حوالي 2.5 مليار عام. ولم يجد العلماء أي دليل على حدوث تسربات قبل ذلك.
ومع ذلك، وعلى الرغم من القدرة على اكتشاف التسريبات، إلا أن العلماء لم يعرفوا بعد سببها. ووفقا لإحدى فرضياتهم، هي ناتجة عن بعض المواد الغنية بالأكسجين وتشق طريقها من سطح الأرض إلى المستويات السفلية للوشاح، التي تتحد مع اللب الخارجي للكوكب. وهناك يؤدي الأكسجين، الذي انتقل من سطح الأرض، إلى جعل نظائر التنغستن تتسرب من النواة وتصعد إلى الوشاح.
وتشير فرضية أخرى إلى أن نفس العملية ناتجة عن التصلب التدريجي للنواة الداخلية، والتي كانت تتكون في الأساس من المعدن السائل.
وهذا الجزء الدائري المتصلب من النواة هو المسؤول عن وجود الغلاف المغناطيسي للكوكب، الذي يحمي الأرض من الجسيمات القاتلة الضارة عالية الطاقة المنبعثة من الفضاء، بما في ذلك الجسيمات القادمة من الشمس.
المصدر: ساينس ألرت