بعد أيام قليلة، وتحديدا في الخامس عشر من يوليو الجاري، ستطلق الهند مركبتها الفضائية “تشاندرايان 2″، البالغة حمولتها 4 أطنان، من مركز الإطلاق الهندي في سريهاريكوتا إلى القمر.
بعد أن تتخذ المركبة تشاندرايان 2” مدارا حول الأرض لمدة 4 ستكمل مهمتها إلى القمر، حيث ستهبط على سطحه، بالقرب من قطبه الجنوبي، مركبة الهبوط “فيكرام”، التي ستطلق بدورها المركبة الجوالة “براجيان”.
ويتصادف تاريخ إطلاق المهمة الفضائية الهندية مع الذكرى 50 عاما على رحلة “أبولو 11” التاريخية إلى القمر، بحسب ما ذكرت صحيفة “الغارديان” البريطانية.
وبالطبع فالمركبة الهندية لن تكون وحدها على سطح القمر، إذ توجد حاليا، ولكن على الجانب المظلم منه، المركبة الصينية “تشانغ إي 4″، التي هبطت عليه في يناير الماضي.
في الوقت نفسه، تعهدت الولايات المتحدة بإنشاء “مختبرات قمرية” في المستقبل القريب، بينما كشفت أوروبا وروسيا أيضا عن خطط لإطلاق مهام معقدة.
وبعد سنوات قليلة من مهمة رائدي الفضاء نيل أرمسترونغ وبوز ألدرين التاريخية إلى القمر في يوليو 1969، تبخر الاهتمام العام والسياسي بالرحلات الفضائية المأهولة، فيما كانت الولايات المتحدة تعاني في ذلك الوقت من صعوبات جراء حرب باهظة الثمن في فيتنام، فكان قرار التخلي عن برنامج أبولو.
لكن فجأة بات الجميع يذهبون إلى القمر.. لكن لماذا؟ ما الذي جعل القمر، التابع الرئيسي والوحيد لكوكب الأرض، فجأة يتمتع بشعبية كبيرة؟
يقول مدير الاستكشاف البشري والروبوتي في وكالة الفضاء الأوروبية، ديفيد باركر إن أحد أسباب هذا التحول هو أن استغلال القمر، ببساطة، أصبح سهلا مستفيدا من الاستكشافات الماضية على الأرض، حيث يرى أوجه تشابه خاصة مع عمليات الاستكشاف العالمية إلى القطب الجنوبي.
ويوضح باركر أن ما حدث مع القمر حدث مع القارة المتجمدة الجنوبية (أنتاركتيكا) ولكن بصورة معكوسة “ففي بداية القرن، كان هناك سباق للوصول إلى القطب الجنوبي، ثم لم يعد أي شخص لمدة 50 عاما، تماما مثل القمر في الستينيات.. ثم بدأنا في بناء قواعد في أنتاركتيكا.. نحن الآن نقترب من تلك المرحلة باستغلالنا للقمر”.
وأشار إلى أن التقدم التكنولوجي، ممثل بالمركبات الآلية والنقل الجوي وموجات الراديو وغيرها، بالإضافة إلى العلوم الجديدة مثل تكنولوجيا الاستشعار والروبوتات والكمبيوتر، ساهمت ومازالت تساهم في “فتح” القارة القطبية الجنوبية، و”هذا كله يساهم في استعمار القمر واستغلاله دون الحاجة إلى وجود بشري.. أو على الأقل في الحد الأدنى منه”.
من ناحيته يقول عالم الفلك البريطاني مارتن ريس إن هناك فجوة كبيرة في التكلفة بين المهمات المأهولة وغير المأهولة، وهي تتزايد طوال الوقت، مضيفا أنه “مع التقدم الكبير في مجال الروبوتات والتصغير، هناك حاجة أقل لوضع رائد فضاء على سطح القمر، وهذا يوفر المال”.
ولا شك أن نجاح المركبة الفضائية الصينية “تشانغ إي 4” يوفر مثالا لما يمكن تحقيقه دون تدخل بشري، فهذه المركبة الفضائية هي أول مركبة على الإطلاق في الجانب البعيد للقمر، واستمرت في العمل دون مشاكل، رغم اضطرارها إلى العمل لفترات طويلة مع انخفاض درجات الحرارة إلى أقل من 180 درجة مئوية خلال الليالي القمرية.
إن استغلال هذه التطورات في الروبوتات لمساعدة النشاط البشري على سطح القمر سيشكل العمود الفقري لمشروع “بوابة القمر” (غيتولي) الأميركي المقبل، وهي عبارة عن “محطة فضائية قمرية” تدور حول القمر، حيث تخطط “ناسا” لاستخدام نظام الإطلاق الفضائي الذي يعتمد على صواريخ عملاقة ستحمل الكبسولة الفضائية أوريون وستلتحم مع المحطة الفضائية القمرية .
المصدر/ وكالات