قدم رئيس البرلمان الجزائري معاذ بوشارب استقالته رسمياً، الثلاثاء، بعد ثمانية أشهر من توليه المنصب “خارج الدستور”، بعد انقلاب استعراضي ضد الرئيس السابق السعيد بوحجة. واستقالة بوشارب تعني نجاح مناوئيه في البرلمان في تأجيل إغلاق الدورة البرلمانية، التي كانت مقررة الثلاثاء، إلى تاريخ لاحق، بعد أسابيع من ضغط أطلقه نواب من حزب الغالبية، جبهة التحرير الوطني.
وقال عبد الحميد سي عفيف، أحد المشاركين في الضغط الذي مورس ضد بوشارب، إن رئيس المجلس الشعبي الوطني “قدم استقالته صبيحة الثلاثاء إلى مكتب المجلس، بالتالي تقرر تأجيل جلسة اختتام الدورة إلى غاية انتخاب رئيس جديد للمجلس”.
وعيّن المجلس، مؤقتاً، النائب مصطفى عبد الرزاق تربش، لقيادة البرلمان لفترة أسبوعين. وكان مكتب المجلس عقد اجتماعاً برئاسة نائب رئيس المجلس محمد موساوجة، الذي كلفه بوشارب تبليغ استقالته إلى مكتب المجلس.
وأشار بيان المجلس إلى أنه “وفقاً لأحكام المادة 10 من النظام الداخلي، قرر مكتب المجلس إحالة ملف شغور المنصب إلى اللجنة القانونية والإدارية والحريات لإعداد تقرير إثبات الشغور”.
وفي العادة، تكون جلسة إغلاق الدورة البرلمانية بحضور جميع النواب وبمشاركة الطاقم الحكومي بقيادة رئيس الوزراء. وكشف رئيس الكتلة البرلمانية لحزب جبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف إن نواب البرلمان قاموا بمنع رئيس الوزراء نور الدين بدوي وحكومته من دخول المجلس الشعبي، متمنياً عليه أن يحذو حذو بوشارب ويقدم استقالته.
وفعلاً لم يتمكن بدوي ولا وزراء الحكومة من الدخول إلى البرلمان. ويواجه الأخير رفضاً من نواب المجلس، ويجد وزراؤه صعوبة في الوصول إلى قبته للتجاوب مع الأسئلة الشفوية والكتابية، التي يطرحها المجلس ضمن آلية الرقابة التي منحها له الدستور.
سقوط “الباء” الثانية
في خريف العام الماضي، كان بوشارب نائباً مغموراً ممثلاً عن محافظة سطيف. لكن الأقدار صعدت به فجأة ليتولى قيادة البرلمان، ثم تؤول إليه قيادة جبهة التحرير الوطني. إلا أن صعود بوشارب، لم يكن إلا خطة من السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الجزائري المخلوع عبد العزيز بوتفليقة، لوضع اليد على السلطة التشريعية قبل أشهر قليلة من الحملة الانتخابية لولاية شقيقه الخامسة.
وقاد بوشارب، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، انقلاباً مفضوحاً ضد السعيد بوحجة في حادثة بات يطلق عليها “الكادنة (القفل الحديدي)”، عندما أغلق نواب بوابة البرلمان في مشهد “مافيوي”، ومنعوا دخول رئيسه إليه بالقوة.
والغريب في الإطاحة ببوشارب، أن الشخص الذي وضع “القفل” في وجه بوحجة قبل ثمانية أشهر، هو نفسه من كان في الصف الأول للإطاحة برئيس البرلمان هذا الثلاثاء، أي النائب عبد الحميد سي عفيف.
ورفع اسم بوشارب وصورته في غالبية المسيرات الشعبية التي شهدتها الجزائر منذ 22 فبراير (شباط) الماضي. وهو أحد “الباءات الأربعة”، التي طالب الحراك بتنحيتها، وثانيها في السقوط. إذ سبقه الطيب بلعيز، رئيس المجلس الدستوري، وبقي كل من بدوي ورئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح.
استغلال بوشارب لتوريط بن صالح
لا يحق لبن صالح التشريع بأوامر رئاسية في فترة عطلة البرلمان. لذلك، كانت خطة بوشارب، بتدبير من جهات محسوبة على السعيد بوتفليقة، إغلاق الدورة البرلمانية. وهي فترة تستمر نحو ثلاثة أشهر. ومعنى ذلك ذهاب السلطة التشريعية في عطلة قانونية، وترك رئيس الدولة منزوع الصلاحيات، إذا حاول تمرير نص السلطة السياسية للإشراف على الانتخابات الرئاسية. وهي ورقته الوحيدة التي يحاول من خلالها إقناع الشارع الجزائري بجدوى تنظيم انتخابات رئاسية في أقرب وقت.
وقال مصدر حكومي رسمي لـ”اندبندنت عربية”، إن بن صالح سيوجه خطاباً إلى الجزائريين في الساعات القليلة المقبلة، يتضمن آليات الحوار وتفاصيل عن السلطة السياسية للإشراف على الانتخابات. وأضاف المصدر نفسه أن “الخطاب سيتضمن تفاصيل وآليات تقدم للمرة الأولى”، وتتزامن بالتالي مع استمرار دورة البرلمان. ما يتيح للرجل طرح مشروع تأسيس سلطة الإشراف على البرلمان قبل عودته إلى مجلس الوزراء.
المصدر/ اندبندنت عربية