رجحت تقارير صحافية على مدار الأشهر الماضية، منذ أن فرضت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عقوبات على إيران بنية ضرب صادراتها النفطية، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أن تتجه السلطات الإيرانية إلى “تهريب” النفط.
وأشارت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، في تقرير مطول نشرته اليوم الثلاثاء، إلى أن بعض “أساطيل” الشحن في العالم، تحدت العقوبات الأميركية بواسطة عزل اتصالاتها عند التحامها بالموانئ الإيرانية لنقل النفط الإيراني، وفقا لادعاءات محللين تجاريين تابعوا بيانات استخباراتية وأخرى متعلقة بشحن البضائع حول العالم التي حصلوا عليها من السلطات الإسرائيلية.
وقال الشريك المؤسس لشركة تتبع الناقلات التي تتصل بالموانئ الإيرانية، والتعرف عليها، “تانكر تراكرز” (متعقبي سفن الشحن بالترجمة الحرفية من اللغة الإنجليزية)، سامر مدني: “إنهم (المسؤولون عن الناقلات) يخفون نشاطهم. فلا يريدون بث حقيقة أنهم كانوا في إيران، متهربين من العقوبات”.
القوانين البحرية والتجارية
وذكرت الصحيفة أن المعاهدة البحرية التي تُشرف عليها الأمم المتحدة، تطلب من السفن التي تزن 300 طن فما فوق، والتي تسافر في المياه الدولية، أن تحتوي على نظام تحديد تلقائي، فيُفترض بذلك أن يُساعد في تجنب الاصطدامات والمساعدات في عمليات البحث والإنقاذ. كما يسمح للدول بمراقبة حركة الشحن.
لكن الصحيفة شددت على أن نقل النفط الإيراني هو أمر قانوني، فالعقوبات الأميركية على إيران هي أحادية الجانب، وليس متفقا عليها دوليا، لكن الشركات العالمية التي تعمل مع نظيراتها الأميركية تُخاطر بالتعرض لعقوبات من الولايات المتحدة في حال استمرارها بشراء النفط الإيراني.
وقد تشمل الخطوات التي قد تتخذها الولايات المتحدة بحق الشركات المخالفة، منع البنوك الأميركية من التعامل معها، وتجميد أصولها، ومنع مسؤولي الشركة من دخول الأراضي الأميركية.
وبينما تنتهج بعض الشركات التي لا تجمعها علاقات اقتصادية قوية مع شركات أميركية، والمقربة من إيران، (وهي قليلة)، نقل النفط الإيراني بشكل علني فإن بعضها يحتاج إلى طرق سرية لفعل ذلك، لئلا تتكبد خسائر نتيجة العقوبات الأميركية.
“تخفي” الناقلات النفطية
ركّزت “نيويورك تايمز” في تقريرها الذي يستند إلى أقوال خبراء تجاريين عالميين تساعدوا بمعلومات استخباراتية إسرائيلية للحصول على معلوماتهم، على نوع معيّن من سفن الشحن، والتي تُعد صغيرة الحجم مقابل النقالات الكبيرة، مما يُسهل عملية اختفائها عن الأقمار الصناعية بعد قطع اتصالها بنظام التحديد التلقائي.
وحدد التقرير سفينة صينية باسم “سينو إنرجي 1″، والتي يُفترض أنها اقتربت من الخليج العربي، باتجاه إيران، الأسبوع الماضي، بعد رحلة استغرقت 19 يوما من الصين، والتي أبلغ قبطانها، وفقا لم تقتضيه القواعد الدولية، عن وضع السفينة ومسارها وسرعتها وتفاصيل رئيسية أخرى، ما أظهر أنها كانت خفيفة الوزن في المياه، وبالتالي فهي فارغة من البضائع.
وأبلغ قبطان السفينة مرّة أخرى عن هذه التفاصيل، الأحد الماضي، على مقربة من المكان الذي اختفت فيه قبل ستّة أيام، لكنها كانت في ذلك الوقت تتجه من مضيق هرمز إلى الشرق، ما يرجح أنها ذاهبة إلى الصين، وأظهرت نتائج الأرقام التي قدمها القبطان، أن السفينة ثقيلة، ما يعني أن خزاناتها ممتلئة على الأرجح.
وهناك أكثر من 40 سفينة مماثلة مملوكة لشركة “سينوكيم” المملوكة للدولة الصينية، والتي تُعد إحدى أكبر شركات تصنيع المواد الكيميائية في العالم.
وتتمتع “سينوكيم” بعلاقات تجارية واسعة في الولايات المتحدة، وباعت في نيسان/ أبريل الماضي، حصّة كبيرة من سفن الشحن الخاصة بها، لشركة خاصة باسم “جنزهينغ”، التي يُعد أكبر مالك لأسهمها، الملياردير الصيني، دو جيانجتو.
وقالت الصحيفة إنه خلال الأشهر الـ18 الماضية، فإن خمس سفن شحن، التي تبحر بانتظام بين الصين والخليج، قامت بزيارتين فقط لموانئ إيرانية، وفقا للمعلومات التي أبلغت عنها أنظمة التحديد التلقائي الخاصة بها. وفي المقابل، فقد قامت هذه السفن بنحو 50 محطة في موانئ بحرينية وعمانية وسعودية وإماراتية. وسجلت 28 اختفاء في المنطقة، لمدّة أيام أو أسابيع.
وذكرت الصحيفة أن الأستاذ في جامعة برانديز، جاري سامور، والذي عمل في قضايا الأسلحة في إدارة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، قال إن إيران تحاول تجاوز العقوبات الأميركية من خلال تقديم “تخفيضات كبيرة” في أسعار منتجاتها النفطية والبتروكيماوية.
المصدر/ عرب48