لا يزال التوتر في منطقة الخليج متذبذباً بين تصعيد وتهدئة، غير أنه منذ الهجوم على ناقلتي نفط قرب مضيق هرمز الاستراتيجي، الخميس، والذي ألقت واشنطن باللوم فيه على إيران، زادت المخاوف من تفاقم الوضع في المنطقة.
ترمب لا يريد حرباً
ذكر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، الثلاثاء، أن الولايات المتحدة ستواصل حملة الضغط على إيران، وردع العدوان في المنطقة، لكنها لا تريد للصراع مع طهران أن يتصاعد.
وقال بومبيو للصحفيين في قاعدة ماكديل التابعة لسلاح الجو في ولاية فلوريدا الأمريكية “تبادلنا رسائل عديدة، حتى في الوقت الحالي، لنوصل لإيران أننا هناك لردع العدوان. الرئيس ترمب لا يريد الحرب، وسنواصل إيصال هذه الرسالة، بينما نفعل ما يلزم لحماية المصالح الأمريكية في المنطقة”.
جاء ذلك بعد ساعات من إعلان القائم بأعمال وزير الدفاع الأمريكي باتريك شاناهان، نشر نحو 1000 جندي إضافي في الشرق الأوسط، لأغراض وصفها بأنها “دفاعية”، معلّلاً قراره بوجود مخاوف من تهديد إيراني.
من جهته، قلّل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، الثلاثاء، من شأن الهجوم على ناقلتَي نفط في بحر عُمان نسبته واشنطن لإيران، كما قلّل أيضاً من أهمية هذه المنطقة الاستراتيجية بالنسبة إلى الولايات المتحدة.
وقال ترامب في حديث لـمجلة تايم الأمريكية، “حتى الآن كان الأمر محدوداً جداً”، وبعد أن أكّد قناعة أجهزة الاستخبارات الأميركية بأن إيران وراء الهجوم، شدّد على أن المنطقة باتت اليوم أقل استراتيجية مما كانت عليه سابقاً بالنسبة إلى واشنطن على صعيد الطاقة.
وأضاف ترمب “هناك دول أخرى تتزود بالنفط بشكل كبير من هذه المنطقة”، وتابع “بالنسبة إلينا، فقد كانت كميات ضعيفة جداً. لقد أحرزنا تقدماً كبيراً حول الطاقة في العامين والنصف الماضيين”.
وتابع “لم نعد في الموقع الذي كنا فيه سابقاً في الشرق الأوسط”. ورداً على سؤال حول ما يمكن أن يدفعه لاستخدام القوة العسكرية ضد إيران قال “بالتأكيد سأفعل ذلك بشأن الأسلحة النووية”، وأضاف “بالنسبة إلى الأمور الأخرى، أترك علامة استفهام”.
إيران بين رفض الحرب والتهديد بالردّ
قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، الثلاثاء، إن إيران لن تشن حرباً على أية دولة، في تعبير عن ضبط النفس بعد أن أعلنت الولايات المتحدة نشر مزيد من قواتها في الشرق الأوسط.
وأضاف روحاني في كلمة نقلها التلفزيون الرسمي، أن الجهود الأمريكية لعزل إيران لم تنجح، وأشار إلى أن إدارة ترمب غير متمرسة في الشؤون الدولية، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن إيران لا تسعى وراء الصراع.
ونفت إيران أي دور لها في الهجوم على ناقلتَي نفط قرب مضيق هرمز، لكنها عادت إلى لغة التهديد وقالت، الإثنين، إنها ستتجاوز قريباً الحد الأقصى لكمية اليورانيوم المخصب، المتاح لها تخزينها بموجب الاتفاق النووي المبرم عام 2015.
وأدلى مسؤولون إيرانيون بتصريحات حازمة بشأن الأمن، منها قول أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني إن طهران مسؤولة عن أمن الخليج، وحثّه القوات الأمريكية على مغادرة المنطقة.
وفي سياق التهديد الإيراني، قال قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، الثلاثاء، إن صواريخ إيران الباليستية يمكنها إصابة “حاملات طائرات في البحر” بدقة كبيرة.
وأضاف سلامي في كلمة بثها التلفزيون “هذه الصواريخ يمكنها إصابة حاملات في البحر بدقة كبيرة. هذه الصواريخ مصنوعة محلياً، ومن الصعب اعتراضها وإصابتها بصواريخ أخرى”.
وأشار إلى أنّ التكنولوجيا الإيرانية الخاصة بالصواريخ الباليستية غيرت ميزان القوى في الشرق الأوسط.
مضيق هرمز.. لعبة التوازنات البحرية
يرى محللون أن قرار واشنطن إرسال 1000 جندي إضافي إلى الشرق الأوسط، يعزّز الخلل في موازين القوى في المنطقة الحيوية، في مواجهة جيش إيراني متمرّس في تكتيكات حرب العصابات البحرية، ورافض للانجرار إلى حرب مباشرة، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
ولم تحدّد وزارة الدفاع الأمريكية المواقع التي سينتشر فيها الجنود الإضافيون، ولا موعد وصولهم. ويأتي القرار بعد خطوة مماثلة في نهاية مايو/أيار قضت بإرسال 1500 جندي إلى المنطقة، بالإضافة إلى طائرات استطلاع وسرب من المقاتلات وحاملة طائرات وبطارية صواريخ باتريوت.
وقال الباحث في معهد “توماس مور” الفرنسي-البلجيكي جان سيلفيستر مونغرونييه، إن هدف إيران من أي مواجهة “سيكون إحداث أضرار كبيرة، مع المراهنة على رفض الولايات المتحدة الانجرار إلى تصعيد”، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وبإمكان الإيرانيين التسبّب في مصاعب للبحرية الأمريكية في بحر عمان ومياه الخليج، اللذين تعرفهما البحرية الإيرانية جيداً، ويرى مونغرونييه أنّ على الولايات المتحدة “الأخذ في الاعتبار تداعيات مواجهة محتملة مباشرة مع إيران، على وضع قواتها العام بالمقارنة مع الصين وروسيا”.
ويوضح مونغرونييه أنّ الخطط الإيرانية تقوم على “نشر ألغام في مضيق هرمز مصنوعة في الصين وروسيا وكوريا الشمالية وكذلك في إيران، والتحرّش بالوحدات البحرية الأمريكية من خلال الزوارق السريعة، واستخدام صواريخ بر-بحر المضادة للقطع البحرية”.
بدوره، كتب الباحث العسكري جيمس هولمز في موقع ناشونال إنترست إنّه لا يمكن “مقارنة القوات واستخلاص أن البحرية الأمريكية ستسحق القوات الإيرانية، فجزء من البحرية الأمريكية هو الذي سيخوض وحده مواجهة مع القوات الإيرانية، ليس فقط البحرية، ولكن أيضاً ضد قوات برية تطلق النار من الساحل”.
المصدر/وكالات