سعيد بشارات
الشيء الثابت والقابل للتطور في مجريات الأحداث في دولة الإحتلال ، وإنعكاسات ما حدث على الداخل الصهيوني، هو أن التمزق الداخلي سيزداد اتساعاً وستكون له تبعات على كافة المستويات، سواء السياسية أو الإجتماعية، فالتمزق السياسي وخاصة في الجبهة اليمينية وتحولها الى الطابع الشخصي ، سيؤثر على الوضع الإجتماعي الداخلي، فلم تعد الخلافات مقتصرة على العلاقة بين اليمين واليسار، بل تعدتها الى خلافات داخل اليمين نفسه، ووصل الأمر الى الحد الذي وصفته تال شيلو المعلقة السياسية في موقع والا نيوز! بأنه نهاية اللعبة، التي ستصل فيها المبارزة بين نتنياهو وليبرمان في الانتخابات القادمة الى حد، قد تنتهي بالدم.
فبعد أكثر من 25 عامًا من العمل المشترك التي خلقت تاريخًا من الصداقة بينهما، تحولت الى هذه العلاقة الى خصومة وعداء شديد بين الاثنين، نتنياهو ، هاجم “ليبرمان، واصفاً اياه باليساري الذي درج على اسقاط حكومات اليمين، وليبرمان؟” اكتشف هو الآخر أنه رجل مبادئ بعد عشرين عامًا من إبرام الصفقات مع الأرثوذكس الحريديم، وأنه أشجع من نتنياهو من الناحية العسكرية، بعد أن كان يهاجمه في السابق باتهامات من قبل ( الكذاب والمحتال، والجبان) الى ان توزر وزارة الحرب، فلم يزد على ما فعله نتنياهو الا أنه اتعب نفسه واطال فتيل الصبر عنده، والذي أظهر ان طبيبه قد خدعه ولم يكن قد اطال له الخيط اصلاً.
خلال الفترة الأخيرة ، كان الاثنان سويًا في سلسلة من النزاعات السياسية المتوترة، يمكن للمرء أن يفهم غضب نتنياهو الكبير على صديقه المقرب المتقلب السابق؛ لقد قام ليبرمان بتدمير احتفالات نتنياهو بالنصر مع عيدن بن زاكين، وتعطيل قانون الحصانة بشكل أساسي الذي كان يسعى نتنياهو لإقراره قبل الوصول لجلسات الإستماع، لأنه وفق الوتيرة الحالية سيجد نتنياهو صعوبة بالغة في تشكيل حكومة وسن قانون يحميه من لائحة الاتهام قبل جلسة الإستماع، لانه لن يكون هناك وقت كافِ مع نتنياهو كي يسن القانون.
وفقًا لوتيرة التهديدات المتصاعدة بين الطرفين_ نتنياهو- ليبرمان، من المتوقع أن يمر ليبرمان بما مر به بيني غانتس في وقت سابق من هذا العام_ كتبت سيما كادمون في يديعوت، وسيكون ذلك مصحوبًا بإحساس قوي بالانتقام من قبل نتنياهو، مما يعني أن جميع الوسائل ستكون مشروعة.
يحب ليبرمان التلويح بهاتفه الخلوي القديم والذي عفا عليه الزمن حتى يكون محصنا ضد الاختراقات الإيرانية الغامضة ، لكن هذه المبارزة بين الإثنين قد تنتهي أيضًا بالدم تختم شيلو تعليقها في والا نيوز!.
وفق الجدول الزمني للإنتخابات المعادة ، ستكون هذه الحملة الانتخابية أطول من الحملة الانتخابية الأخيرة – العد التنازلي الآن 110 أيام – والسيناريو الافتراضي المحتمل لا نهائي. تمتع ليبرمان بدعم هائل هذا الأسبوع في معاقله لأنه تجرأ على الوقوف في وجه الأرثوذكسية – وبشكل أساسي – لتحديه نتنياهو وتعقيد خططه على نحو خطير، الأمر الذي دفع المعلق في القناة 13 رافيڤ دروكر الى الكتابة ؛ لأول مرة في التاريخ قررت أن أصوت لليبرمان.
قرر نتنياهو الذهاب بعيداً، وقدم قانون حل الكنيست ، وإجراء الانتخابات 2019 بفصلها الذي يحمل الرمز(ب) والأمر قد يكون مفتوح للفصل (ج)… خاصة اذا جاءت التركيبة القادمة وفق السابقة، تبع نتنياهو اعضاء حزبه والشركاء الطبيعيين الغير طبيعيين_ كما يصفهم ناحوم برنيع، وكان هؤلاء الأعضاء في الكنيست كالزومبي ، أضلهم من أجل شخصه، فاطاعوه، وهنا تتساءل هآرتس: ماذا لو أعاد الوضع إفراز نفسه في غضون بضعة أشهر؟ هل سيتنكر جباي مثلاً لعوده في الانتخابات السابقة ، ويكون مستعدًا للاستماع إلى مقترحات نتنياهو التي قدمها في ذروة الأزمة الأخيرة حتى تم تسريب القصة، ولولا ذلك لذهب معه وهو القادم من حكومته من فترة ليست بالبعيدة، فما الذي يمنعه أن يكرر التجربة، في ظل وضعه الحالي المهلهل.
بعد الطعنة التي تلقاها من صديقه السابق ليبرمان، يخطط رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لخوض حملة ذات هدفين رئيسيين: الحفاظ على حزب الليكود كأكبر حزب ، ومسح إسرائيل بيتنا من الخريطة السياسية. كيف يفعل ذلك؟ ينوي الليكود استثمار موارد هائلة في الشارع الروسي من أجل تآكل مراكز دعم ليبرمان. وكذلك قرر نتنياهو تأمين حزب (جميعنا) في قائمة الليكود وقاد خطوة مثيرة للجدل في أمانة الحزب ، والتي تشمل توحيد القوائم وإلغاء الانتخابات التمهيدية.
من أجل تخفيف حدة الانتقادات ، يفكر نتنياهو في إقرار القانون النرويجي، الذي في إطاره يستقيل أربعة وزراء من الليكود من مناصبهم في الكنيست وبدلاً من ذلك سيتم استبدالهم بأربعة أعضاء كنيست آخرين .
ليس فقط كاحلون ، لاعب تعزيز إضافي وهام في الليكود، أييلت شاكيد أيضاً تتحملق العيون نحوها حالياً. بالأمس ، اقترح الوزير حاييم كاتس أن يضع نتنياهو شاكيد كمرشح كبير في قائمة الليكود للكنيست. وقال مسؤول بحزب الليكود “الأمر يستحق ويشكل قوة انتخابية”. بالنسبة لهذه القضية ، فإن نتنياهو في مأزق: فمن ناحية ، يفضل قطع الشراكة بين شاكيد و بينت بشكل دائم ، بينما يعتبر شاكيد “ورقة حمراء” في منزل عائلة نتنياهو، كون سارة لا تطيق سماع اسمها، وتفضل حنين زعبي النائبة العربية في الليكود على ان تنضم هي اليه، كذلك طلب رافي بيرتس رئيس البيت اليهودي من نتنياهو ضم شاكيد الى الليكود.
أزرق أبيض الحزب الذي يتوقع أن يخسر الكثير من وراء ما يحدث، أكد اليوم أنه بعد قرار حل الكنيست ، قرر قادة الحزب الإستمرار في الإتحاد. على الرغم من التوتر الذي سُجّل في الحزب خلال الأيام القليلة الماضية ، بعد تصريحات لابيد بأنه لا يستطيع أن يعد بأن يبقى رقم 2 في الحزب ، لكن الان سيبقى بني غانتس على حاله وسيظل مرشح الحزب لرئاسة الوزراء، الضعف في أزرق أبيض نابع من اتفاق التناوب بين جانتس ولابيد ، وأُبلغ أمس أن الأطراف في الحزب تحاول إلغاء التناوب ، لكن المقربين من جانتس ولابيد نفوا ذلك.
بالنسبة لحزب العمل سيتعين عليه أن يقرر من سيكون رئيس الحزب في الانتخابات القادمة. من المتوقع أن يعقد حزب العمل انتخابات داخلية من أجل استبدال الرئيس الحالي آفي غباي الذي الحق الهزيمة في الحزب ولديه خلافات لا حصر لها ما اعضاء الحزب الآخرين وخاصة كابل وبيرتس الأعضاء المخضرمين.
بالعودة الى ليبرمان، منذ أكثر من 20 عامًا ، كان ليبرمان يسبح في النظام السياسي ، لكن انتخابات سبتمبر 2019 هي بلا شك معركة حياته. بعد خمسة مقاعد في الكنيست في الجولة الأخيرة وتهديد نتنياهو لمحو إسرائيل بيتنا – لن يستسلم بسهولة. سيقوم ليبرمان بنفخ عضلاته ذات الرأسين (الشارع الروسي) بكل قوته ، وأيضًا نقل أصوات الناخبين العلمانيين من اليمين مستنسخاً التجربة البنتية الشاكدية. إنه يدعي أنه “آخر علماني” قبل “التحالف الديني الشرعي” الذي يعتزم نتنياهو تأسيسه. بالنسبة ليبرمان ، لم تعد مجرد معركة سياسية عادية ، إنها معركة شخصية وغريزية ضد نتنياهو ، الذي أطلق عليه “يساري” ويتهمه بالإطاحة بالحكومة. أعلن ليبرمان أمس أنه قادر على الوصول إلى 17 مقعدًا في الانتخابات المقبلة. وأكد أنه سينضم إلى حكومة يمينية فقط ، لكنه لم يقدم التزام مسبق بالتوصية بنتنياهو كما فعل عشية الانتخابات الأخيرة.
اتحاد الأحزاب اليمينية، هم ايضاً شعروا بخيبة أمل كبيرة بحل الكنيست. القائمة ، التي كان من المفترض أن تكون اللاعب الأكثر أهمية في الحكومة والتي لم يتم تشكيلها ، وجدت نفسها تباشر حملة انتخابية جديدة ، مؤلفة من ثلاثة أحزاب مختلفة، لكن من المتوقع الإعلان من قبلهم عن (الجبهة اليمينية المتحدة) فبينت يبحث عن الاتحاد مع فيجلين، و بيرتس يحاول ضم شاكيد اذا لم تذهب لليكود.
ميرتس التي فازت بفضل الصوت العربي تحضر للاتحاد مع حزب العمل، لانها ستكون ربما من الأحزاب المنقرضة في الإنتخابات القادمة.
هذه هي السياسة الإسرائيلية، التي ابدى منها محمد العمادي السفير القطري مرة ما كل استغرابه، و كشفت الليلة المجنونة وغير المسبوقة التي أدت إلى انتخابات جديدة عمق القبح في السياسة الإسرائيلية، كتبت كادمون في يديعوت.
باختصار ، هذا ما يحدث في السياسة الإسرائيلية_ كتب ناحوم برنيع في يديعوت، المركز ، الإسرائيليون الذين بفضلهم قامت الدولة ، يفقدون قبضتهم ؛ المعتدلون ضعفاء ، بطيئون ، خالون من الإيمان بطريقهم، بينما لدى المتطرفين رغبة ملحة. يضيف :أخبرني أحد وزراء الليكود يوم الاثنين أنه سيدعم التشريع الذي يسمح “بزيادة تقييد المحكمة العليا” ختم برنيع كلامه.
ونختم بليبرمان الذي حتى وان نجح في الدخول الى الكنيست القادمة فلن ينجح بإيجاد ائتلاف ينضم الية، لأن الحريديم أخرجوه من ملة اليهود الدينية والسياسية، و نتنياهو اعتبره خائن يساري لا يؤمن له، وهو نفسه حكم على نفسه بأنه لن يدخل اي ائتلاف.