بقلم ناصر ناصر
ان تطورات الساعات الاخيرة في اسرائيل من حل الكنيست بعد أقل من شهر و نصف على الانتخابات ، و إجراء انتخابات جديدة في 17-9 لهو دليل على فقدان التوازن الى حد الجنون في اسرائيل ، فقد تكون لذلك اسباب عميقة ، و لكن السبب المباشر هو سيطرة الدوافع الشخصية و الأنانية على متخذي القرار في اسرائيل ، و تحديدا ليبرمان الذي سيسجل في التاريخ مرة واحدة ،وعلى الارجح للأبد ، بأنه قاد اسرائيل لانتخابات مبكرة مرتين خلال شهر : الاولى بدعوى الخضوع لحماس و الثانية بدعوى الخضوع للحريديم .
لقد كانت تصريحات نتنياهو فور الاعلان عن حل الكنيست لافتة ايضا ، فهي تشير الى حقيقة ما جرى و ما ستؤول اليه الامور ، فنتنياهو كان تحت هول الصدمة و لم يكن مقتنعا بان ليبرمان سيفعل ما فعل ، و قد أقر بقوله : لم افهم ذلك في البداية ، و بذا اعترف بخطئه في فهم شريكه الطبيعي فوصفه بأسوأ ما يمكن في اسرائيل حاليا ، وهو ” ليبرمان يساري ” ، و هو وصف يدل ايضا عن فقدان نتنياهو لتوازنه ، فليبرمان ابعد ما يكون عن ذلك .
ان اللافت الاهم في تصريحات نتنياهو هو عدم استخدامه او ذكره لمدى الضرر الذي سيلحقه حل الكنيست و الذهاب لانتخابات جديدة على الاوضاع السياسية في المنطقة ، فخطة ترامب على الابواب و حل الكنيست يعني تأجيلها بل تعطيلها ، و بالتالي حرمان اسرائيل مما كانت تهدف اليه على وجه الحقيقة وهو تبرئة اسرائيل من صورتها كرافض للحلول السلمية ، و ادانة الفلسطيني بذلك ، مما يعني شرعنة ما تقوم به اسرائيل ، فلا يوجد شريك حقيقي لعملية السلام على حد زعمهم .
لم يذكر نتنياهو ايضا و في سعيه لادانة خطوة ليبرمان ” المجنونة ” مدى تأثير حل الكنيست و ضرب الاستقرار السياسي الداخلي في اسرائيل على محاربة ايران في المنطقة ، و خاصة في خضم التصعيد المستمر في الخليج هذه الايام .
لماذا لم يتطرق نتنياهو لما سبقت الاشارة اليه ؟ إما لفقدانه التوازن من هول صدمة حل الكنيست و عدم قدرته على استجماع كافة قواه الفكرية و السياسية و الخطابية ، و إما لان تلك المبررات أي ايران و صفقة القرن ما هي الا أعذار غير جدية تماما ، يتم استخدامها لتغطية السياسات الحقيقية الداخلية و الخارجية للدولة العنصرية .
ما التوقعات
لا شك بان فشل نتنياهو في تشكيل حكومة واضطراره لتقديم حل الكنيست و اجراء انتخابات في 17-9 هو ضربة سياسية لنتنياهو ، فهل ستزيده هذه الضربة قوة الى قوته في الانتخابات القادمة أم سيبقى كما هو عليه الآن ؟ أم انها ستؤدي لتراجع قدراته السابقة ؟ و ماذا يفعل الفلسطيني اتجاه ذلك ؟ هل يبقى ينتظر استقرار اوضاع اسرائيل الداخلية أم يمضي و يواجه و يفرض مصالحه رغما عنها ؟
من الصعب الاجابة عن هذا الاسئلة ،بسبب الفترة الزمنية الطويلة لحين موعد انتخابات 17-9 ، فالاحتمالات مفتوحة و الكل متوقع ، اضف الى ذلك فإن احتماليات نجاح ملاحقات نتنياهو قضائيا و تقديم لائحة اتهام ضده هي واردة بصورة كبيرة ، مما يعني ان الساحة السياسية في اسرائيل ستبقى منشغلة و مشتعلة باستمرار ، و بالتالي فان انتظار استقرارها من قبل الفلسطينيين هو أمر غير سياسي و غير معقول على الارجح ، فان المطلوب هو وضع استراتيجيات عمل و على كافة المستويات تأخذ بالحسبان “عدم استقرار ” الحلبة السياسية الداخلية في اسرائيل كمعطى او ثابت لا يمكن تغييره خلال السنتين القادمتين على الاقل .