أعلنت قوى الحرية والتغيير في السودان الشروع بإضراب شامل في القطاعين العام والخاص، اليوم الثلاثاء، وغدا الأربعاء، فيما شن نائب رئيس المجلس العسكري السوداني، الفريق الأول، محمد حمدان دقلو، هجوما على المعارضة واتهمها بالسعي إلى احتكار السلطة دون أن يكون لها الثقل والتفويض الجماهيري.
وقالت قوى الحرية والتغيير إنها قررت تصعيد الخطوات الاحتجاجية بهدف زيادة الضغط على المجلس العسكري الحاكم لنقل السلطة إلى المدنيين، لأنه لم يحدث أي تقدم في ملف التفاوض مع المجلس العسكري، ولا وجود لمقترحات جديدة للاستماع إليها.
واتهمت المجلس العسكري الانتقالي الحاكم بأنه “أصبح قيادة سياسية وليس مجلسا انتقاليا”، مؤكدة أنهم “ماضون نحو تنفيذ الإضراب الشامل.
وتعثرت المحادثات بين تحالف قوى الحرية والتغيير الذي يمثل المحتجين وضباط الجيش الذين تولوا السلطة عقب الإطاحة بعمر البشير في نيسان/أبريل الماضي، بعد اختلافهما حول توزيع المناصب بين العسكريين والمدنيين، وحول من يرأس مجلس السيادة الذي سيتولى حكم البلاد في المرحلة الانتقالية.
وأعلن موظفون في مطار الخرطوم والبنك المركزي وشركة الكهرباء والنيابة العامة، أنهم سيتوقفون عن العمل لمدة 48 ساعة. كما أعلنت اللجنة التمهيدية لنادي القضاة الدخول في الإضراب، وأكدت اللجنة في بيان أن الإضراب سيتم من داخل المحاكم بحضور القضاة إلى مواقعهم والانصراف منها في المواعيد الرسمية دون ممارسة أي أعمال قضائية أو إدارية.
ودعت تنظيمات مهنية السودانيين إلى المشاركة في الإضراب، بحسب بيانات للجنة أطباء السودان وشبكة الصحفيين ونادي القضاة وتجمعات للصيادلة والمهندسين وأستاذة الجامعات والمحامين.
وقالت طبيبة الأسنان هزار مصطفى خلال مشاركتها في مسيرة في وسط الخرطوم من أجل حشد التأييد للمشاركة في الإضراب العام والعصيان المدني، “نحن هنا لنقول إن الحكومة المدنية هي الحل الوحيد للردّ على مطالب الشعب السوداني”.
وأضافت لوكالة فرانس برس “نعتبر المجلس العسكري جزءاً من النظام السابق. لا نرى أنّه سيعطينا أيّ حقّ أو أنّه سيقودنا نحو دولة عادلة”.
ومنذ السادس من نيسان/أبريل، يتظاهر آلاف السودانيين قرب مقر القيادة العامة للقوات المسلحة في وسط الخرطوم. وكانوا يطالبون بتنحي عمر البشير الذي أطاح به الجيش في 11 نيسان/أبريل وتولى السلطة مكانه، فتحول المحتجون إلى المطالبة بتسليم السلطة إلى المدنيين.
وأقدم العسكريون، تحت ضغط الشارع، على إجراء مفاوضات مع ممثلين عن المتظاهرين اجتمعوا ضمن تحالف قوى الحرية والتغيير. وحققت المفاوضات اتفاقا على تشكيل مجالس مختلطة لفترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات، لكنها اصطدمت بإصرار العسكر على ترؤس مجلس السيادة ورفض التحالف ذلك. وإزاء ذلك، قرر قادة الاحتجاج اللجوء إلى الإضراب العام.
وقال القيادي في التحالف صديق فاروق لفرانس برس “وصلتنا استجابة عالية جدا لدعوتنا، وهي أكثر من توقعاتنا. هناك قطاعات لم نكن نتوقّع مشاركتها وصلتنا منها استجابات”.
وأضاف “الإضراب لمدة يومين يريد إرسال رسالة واضحة للعالم بأنّ الشعب السوداني يريد تغييرا حقيقيا ولن يقبل بأن تظل السلطة في يد العسكريين”.
لكن الدعوة إلى الإضراب كشفت تصدعات داخل تحالف قوى الحرية والتغيير، إذ أعلن حزب الأمة القومي، أحد أبرز الأعضاء في التحالف، رفضه الإضراب.
وقال الحزب في بيان إن “الإضراب العام سلاح علينا استخدامه باتفاق الجميع، وعلينا تجنب الإجراءات التي ليس عليها اتفاق”.
وألقى زعيم حزب الأمة الصادق المهدي الذي ظل يعارض النظام السابق لعقود، بثقله خلف الاحتجاجات بعد اندلاعها في كانون الأول/ديسمبر الماضي. وكان المهدي يترأس حكومة منتخبة أطاح بها البشير في عام 1989 بمساندة الإسلاميين.
في المقابل، أعلن حزب المؤتمر برئاسة عمر الدقير المنضوي، في التحالف أنه سيشارك في الإضراب للتنديد بتعنت المجلس العسكري. وأشار فاروق إلى أنه يحق لأعضاء التحالف أن يكون لكل منهم “تقيميه وأجندته”. وأضاف “كل حزب من حقه أن يعرض آراءه، والشعب هو من يقرر”.
وقبل بدء الإضراب، زار رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان، يوم الأحد، الإمارات العربية المتحدة غداة زيارته مصر.
وقام نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو في 24 أيار/مايو بزيارة إلى السعودية التقى خلالها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في جدة.
في المقابل، التقى ممثلون عن المتظاهرين سفراء بريطانيا والسعودية في الخرطوم، وطالبوا بدعم لإرساء حكم انتقالي مدني في السودان.
المصدر/ وكالات